الرأي

تحذير أمريكي عالي المستوى!

تحت المجهر


أطلق الجيش الأمريكي أحدث تحذيراً له في 28 يناير 2016، عندما تنبأ المتحدث باسم قوات التحالف الدولي ستيف وارن في مقابلة بثتها قناة «السومرية» الفضائية بقرب حدوث «انهيار كارثي لسد الموصل»، وأوضح أنهم «الأمريكيين» قلقون جداً حول مصير ذلك السد وأنهم يتوقعون انهياره لكنهم يجهلون توقيته على وجه الدقة»، مؤكداً أنهم «قد أعدوا خطة متكاملة لمواجهة الكارثة».
لكن الكثير من الأسئلة المهمة قفزت إلى ذهني بعدها..
لماذا يطرح هذا السيناريو وفي هذا التوقيت؟ وهل تعجز أمريكا وبكل إمكاناتها التقنية وخبرائها في معالجة تخسفات ذلك السد؟ أو حتى إخراجه من الخدمة دون وقوع الكوارث؟ ولماذا تركته مهملاً لعقد ونيف من الزمان وهي المسؤولة من الناحية القانونية والأخلاقية عن العراق بعد احتلاله حتى أوصلوا السد إلى نقطة اللاعودة؟ أم هي حجة وتنبؤات زائفة مغرضة يختبئ وراءها سيناريو جديد تعد له أمريكا بعد أن أسقط في يدها وفشلت فشلاً ذريعاً في تسويق عراق جديد بعد وعودها في إيصاله إلى بستان الديمقراطية وجنان الرفاهية التي روجت لها كثيراً فإذا به ينزلق إلى الدرك الأسفل من الفوضى والدمار.
اسمحوا لي سادتي أن أقدم نبذة موجزة عن ذلكم السد ثم نعرج لما وراء الخبر: في عام 1986 تم الانتهاء من تشييد السد العملاق على نهر دجلة، وهو يعتبر رابع أكبر سد في الشرق الأوسط، ومن أكبر سدود العراق تخزيناً حيث تبلغ مساحته 417 كيلو متراً مربعاً، وارتفاعه 131 متراً، وتبلغ طاقته التخزينية القصوى من المياه 11 مليار متر مكعب، ويبعد عن مركز مدينة الموصل 50 كم شمالاً، والخلل الذي لازمه منذ تشييده إنه قد أقيمت أسسه فوق صخور جبسية قابلة للتآكل، ولم يكن أمام الحكومة العراقية آنذاك خيار أو بديل آخر، كون الموقع هو الأفضل جغرافياً، وقدمت الشركات المنفذة «ألمانية – إيطالية»، والتي عرفت باسم «جيمود» حلولاً من أجل الفوز بالعقد تتمثل بالحقن الإسمنتي المستمر كلما حدث تآكل للصخور التي تحت الأسس.
ومنذ تشغيله، استمرت فرق الحقن ملازمة ومتابعة لأي تآكل وتصدع، ورغم الظروف القاسية والحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق إلا أن الكوادر الفنية العراقية كانت تقوم بواجبها على أتم وجه إلى عام الاحتلال 2003، فبدأت معها حقبة جديدة أثرت سلباً على كل مناحي الحياة، ولم يكترث بعدها من تولى حكم العراق من السراق والجهلة بمنشآته، والصرف عليها، بل كثف الجميع جهودهم لسرقة خيراته، في سباق محموم، فلم يكن يصرف التخصيص المطلوب لكثير من المنشآت الاستراتيجية لديمومتها، وإن صرف فيسرق تسعة أعشارها بعقود وهمية، وهذا الحال ينطبق على كل الصناعات والمنشآت والبنى التحتية المتهرئة أصلاً، إلى أن وصل ذلك السد إلى التآكل والتصدع، مثلما يتآكل العراق، بعد أن غطى جسده بأرضة «الولي الفقيه»، فنخرته نخراً، فقصة سد الموصل تختزل قصة العراق كله.
ويتوقع الخبراء أنه في حال انهياره فإن معدل التدفق لمياهه ستكون بحدود 20 مليون متر مكعب، وبسرعة 3 كم في الثانية، وبارتفاع 29 متراً في الساعات التسع الأولى من الكارثة، معرضاً أكثر من نصف مدينة الموصل وسكانها إلى الغرق الحتمي، ومقتل وتشريد الملايين، وحدوث أضرار كارثية على امتداد 500 كم من مركز الانهيار وصولاً إلى أطراف العاصمة بغداد.
ويخشى المراقبون أن تقدم الإدارة الأمريكية على حماقة جديدة بتحريض إيراني - صهيوني كالعادة، فتعمد بالإحجام بل عرقلة أي إجراء له بل استخدام ذلك السد كذريعة وكحل نهائي مأساوي لأزمة سنة العراق، التي باتت مصدر قلق لها ولإيران على حد سواء، وليهلك بانهياره أكبر عدد ممكن منهم إضافةً إلى جرف تنظيم الدولة «داعش»، المتمركز قادتها وقاعدتها هنالك، وبأقل الكلف والخسائر في جانب قواتها بعد أنهت مشوارها الإجرامي لتدفن أسرارها معها في قعر دجلة، وبنفس سيناريو دفن بن لادن في قعر المحيط الهادئ، فهي في سباق لإخراج السد من الخدمة قبل موعده بطريقة شيطانية محبوكة معدة سلفاً كأسوأ سيناريو في العصر الحديث!!