الرأي

النسخة الثانية من الربيع العربي

نظــــــرات



هذه الأيام بالذات تذكرنا بواقعنا العربي قبل 6 سنوات عندما اشتعلت الدول العربية في شكل ثورات شعبية تطالب بإسقاط الأنظمة والحكومات وانتهت إلى تغيير بعض النخب السياسية، واندلاع حروب أهلية طاحنة انتشر فيها الإرهاب والتطرف، وصارت تفاعلات الشرق الأوسط مرتبطة بجماعات ثيوقراطية راديكالية مدعومة من الشرق والغرب.
تفاصيل كثيرة عاشها العرب في تلك الفترة، كانت قاسية للغاية، ومازالت، ولكنها سريعة جداً في معطياتها. وفي ظل هذا العالم المتحول، والإقليم المضطرب، والجهود الباحثة عن الاستقرار المفقود، يظهر سؤال قد لا يكون في محله، ولكنه مهم، ويجب مناقشته باستفاضة، هل هناك نسخة ثانية مما يسمى بـ «الربيع العربي»؟
هذا السؤال قد يفترض أن «الربيع العربي» أو لنكن أكثر دقة، أن الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط عبارة عن مراحل مستمرة من المعروف بدايتها، ومن غير المعروف نهايتها، أو حتى كيف يمكن أن تنتهي.
نتذكر جيداً السؤال الذي طرح على عرابة الشرق الأوسط الجديد وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق كوندوليزا رايس عندما سألت عن كيفية إنهاء هذه الفوضى التي أشعلها المحافظون الجدد على مراحل، فلم تجب واكتفت قائلة بأنها «لا تعلم».
تحليل الفوضى الخلاقة في المنطقة لا ينبغي أن يبدأ في العام 2010 عندما اندلعت الثورة التونسية، أو حتى العام الذي يليه 2011 والذي كان عاماً سوداوياً للغاية. بل يجب البحث في معطياته بشكل أكثر عمقاً وربطه بما جرى عالمياً في 2001، فهي كلها مراحل ممتدة حملت عدم الاستقرار والفوضى للشرق الأوسط تحت غطاءات وأهداف عدة، واختلفت فيها التكتيكات بعد الاستراتيجيات، وكذلك اختلفت فيها القوى الفاعلة التي تحكمت أو أثرت وتأثرت بتفاعلات العقد المنصرم والعقد الحالي.
بات من الصعب تحليل مستقبل الشرق الأوسط، ومن الصعب أيضاً تقديم رؤى وتصورات لمستقبله أو التحولات الجارية فيه خلال الفترة المقبلة. ولكن هذه الصعوبة لا تعني عدم الحاجة لمزيد من البحث قبل أن يأتي «ربيع عربي» آخر، ولكنه قد يتحول من حركات احتجاج شعبية ومحاولات تغيير أنظمة الحكمة أو النخب السياسية إلى محاولات إشعال حروب إقليمية تتدخل فيها القوى العظمى والكبرى من بعيد كما نرى اليوم بعد مرور 6 سنوات على «الربيع العربي».
النسخة الثانية من «الربيع العربي» معطياتها واضحة ومتاحة الآن، ويمكننا معرفة الكثير من تفاصيلها، وتحديد تصوراتنا بشأنها، لأن النسخة الأولى انتهى جدواها، وبدأت نسخة جديدة سنرى تأثيرها على دولنا قريباً. للحديث صلة..