الرأي

حتى لا يصير وطنك خيمة!!

حتى لا يصير وطنك خيمة!!


يقول أحد «ربع إيران الهوى»، إذا ما أردت أن تطلق إشاعة أو تنشر خبراً غير صحيح فعليك بوضعه في أحد قروبات البرنامج الهاتفي الـ «واتس آب» التابعة للشرفاء، وهم من سيتكفلون بنشره لدرجة وصوله إليك مراراً وتكراراً، وكأنك حظيت بوكالات أنباء نشطة تنشر لك بالمجان!
هذه قناعة للأسف أخذ عملاء إيران يرددونها باستهزاء وهم يلامسون مدى قلة الوعي في شارع الشرفاء، وعدم الفطنة لقراءة ما بين سطور الكثير من الرسائل الهاتفية والموضوعات التي هي بالأساس دخان نار وإشاعات! وكلمة حق هذا إثم كبير يقع فيه الناس وهم لا يتفقهون ولا يتوقفون عند الآية الكريمة التي تقول: «والفتنة أشد من القتل»، فإن كان القاتل لم يعف الله عنه بل أمر أن يقتل كما قتل نفساً بريئة إلا في حال أن عفى عنه أهل القتيل، مما يدل على أن إثم القاتل كبير، ومن الذنوب العظيمة والكبيرة عند الله، ولا تسامح فيه، فما بالكم عندما جاءت الآية لتبين أن الفتنة «أشد» من القتل نفسه؟ هل يعي المواطنون اليوم أنهم يقعون في أحد أبواب الفتنة وإثم إعادة نشر الكثير من الرسائل الهاتفية والإشاعات دون التحقق من المصادر الرسمية بالدولة أو الانتظار والتأكد!
نعلم الجواب والقناعة بأن كثيراً من المواطنين للأسف يتصرفون بها كمبدأ وهي «المفترض على الجهات المسؤولة بالدولة وقتها أن تصحح المعلومة قبل انتشارها ويخرج المسؤولون بتصريحات»، طيب لنفترض أن تأخرت التصريحات مثلاً، فهل معنى هذا أن يقوم هؤلاء الذين يعيدون نشر الشائعات بجهالة كما هي وهي عبارة للعلم يستخدمها الشرفاء أنفسهم ضد من يتبع «الأجندة الخارجية دون أن يشغل مخه!»، بمعنى «البعض يعيب عليهم وهم أول من يقع في هالعيب وكأنهم مثال حي على عبارة من عاب ابتلى!».
عندما ترحل عن هذه الدنيا، ستوضع في قبرك لوحدك وستحاسب على أعمالك كلها بالدنيا لوحدك، والدين واضح في هذه المسألة، عليك كمسلم ألا تروج للفتن وأن تتأكد من الكلام قبل نقله، حتى لا يكون ذنبك أكبر من ذنب قاتل النفس، كما جاء بالقرآن الكريم، وأنت في هذه المسألة مخير ولست مسيراً! سيحاسبك الله دون عذر ادعاء عدم المعرفة، فقد أمرنا بالابتعاد عن كل ما يمكن أن يتسبب بالفتن، والكلام الذي تنقله، حتى وإن كان بسبب أن بعض الجهات لم تفسر صحته، فأنت مدرك تماماً أن من روج له كتبه بصيغة تحمل الفتنة وتغلظ القلوب، ثم إن الإسلام نهى عن نقل الكلام دون التأكد! «ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً»، كما قال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت».
فإن كان الإنسان فاقداً لمفاهيم الوطنية فعلى الأقل لا يفقد تعاليم دينه والإنسان العاقل عليه أن يتحلى بالمسؤولية الوطنية لأن الدين أمر بها للحفاظ على الأوطان من شر الفتن فهذا واجب ديني قبل أن يكون واجباً وطنياً.
لو جئنا إلى قصة «بابا زابط»، على سبيل المثال، ليواجه كل شخص نفسه، عندما اجتهد فور التقاطه القصة، بالنشر والتعميم وإطلاق الأحكام الجائرة والسخط وتأجيج الناس، بشكل غير مباشر، أمام واقع أنه أخطأ وتسرع، وأن القصة لو أخذت من مصدر موثوق لاكتشف أنها استغلت وحرفت من قبل أطراف معينة، لتأجيج الناس، والطامة الكبرى أنه رغم توضيح الجهات المسؤولة للحقيقة تجد من «يحامون» عن الإشاعة أكثر من مطلقي الإشاعة أنفسهم وكأنهم سخروا أنفسهم لخدمة أهداف هؤلاء - دون فطنة منهم - فيشككون بصحة التوضيح! والله إن الحال الذي وصلنا إليه مؤسف ولا نعلم ما نقول لهؤلاء غير «انظروا للدول التي حولكم وانظروا كيف ذهبت بدقيقة ولم تعد هناك فائدة ليس لعودتها إنما لترقيع وضعها الأمني على الأقل»، المواطن هناك أصبح يقتل بلا سبب ويباد بعنجهية وأصبح الكثير من لاجئي هذه الدول كالعراق وسوريا وطنهم خيمة يسكنونها فقط!