الرأي

قولوا لجبران باسيل.. دول الخليج تاج العرب

المشاء








لا ندري ما سر الصمت المطبق لحكومة رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام على تصرفات وتصريحات رأس الدبلوماسية اللبنانية جبران باسيل، الذي تسلم قبل أشهر من صهره الزعيم المسيحي ميشال عون رئاسة حزب «التيار الوطني الحر»، ما أثار امتعاض عدد من الكوادر الحزبية التي انتقدت وصول التوريث إلى التيار الذي ينتقد المحسوبيات لدى خصومه وفي إدارات الدولة!
لكن الواضح أن قدرات الرجل أقل بكثير من منصب وزير خارجية لبنان، ربما لصغر سنه، أو لقلة خبرته الدبلوماسية، ما دفعه أن يكون متحدثاً باسم تياره و«حزب الله» والمحور الإيراني، فكثيراً ما يغرد خارج السرب، بمنتهى الاستخفاف، ضارباً عرض الحائط بمواقف الحكومة اللبنانية، واضعاً إياها في موقف محرج.
ولعل آخر تلك المواقف تحفظ باسيل على ذكر كلمة «حزب الله» في البيان الختامي لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري بدورته غير العادية الذي عقد مؤخراً في القاهرة بناء على طلب الرياض، والذي أكد التضامن الكامل مع السعودية في مواجهة الأعمال العدائية والاستفزازات الإيرانية، وإدانة الاعتداء على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران، وإدانة استمرار تدخلات طهران في الشؤون الداخلية للبحرين ودعمها للجماعات التي تشكل تهديداً لأمنها واستقرارها، ورفض تدخلات «حزب الله» اللبناني الإرهابي في شؤون البحرين. وحده باسيل رفض التوقيع، معلناً أن «لبنان يتحفظ على رفض تدخل حزب الله في البحرين»، زاعماً أن «الحزب هو حزب وطني لبناني ويشارك في الحكومة»!
وبرر باسيل ذلك بقوله «رفضنا ربط اسم حزب الله بالأعمال الإرهابية، ولذلك امتنعنا عن التصويت على البيان»، موضحاً أن «لبنان اتخذ قراراً بالابتعاد عن المشاكل في المنطقة من دون تعطيل الإجماع والتضامن العربي، مع إعطاء أولوية لوحدتنا الداخلية».
لكن لا عجب من موقف زعيم تيار تابع لإيران وأذنابها، ويؤيد حصار نظام بشار الأسد و«حزب الله» للمدنيين في سوريا، وآخرها ما حدث من حصار وتجويع لأكثر من 42 ألف شخص في مضايا السورية بريف دمشق على مدار أكثر من 200 يوم. ويبدو أن باسيل لا يدرك فضل السعودية والبحرين بوجه خاص، ودول الخليج بوجه عام على لبنان، فالرجل يتناسى الأدوار التاريخية التي قامت بها السعودية تجاه لبنان وأهله، على مدار عقود، وآخرها تمويل صفقة أسلحة فرنسية للجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار، لتعزيز قدرات الجيش بمواجهة التنظيمات الإرهابية. ولم يضع باسيل في اعتباره وهو يدلي بتصريحاته ويأخذ مواقف لصالح قوى «8 آذار» على حساب الدولة اللبنانية، مصالح أكثر من نصف مليون لبناني تحتضنهم دول الخليج.
ولم يكن الموقف الأخير المتخاذل لباسيل وتياره هو الوحيد، فقبل نحو شهر ومع إعلان السعودية تأسيس «التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب» والذي تألف من 35 دولة عربية وإسلامية، أعلنت الحكومة اللبنانية برئاسة تمام سلام انضمامها للتحالف، لكن لم تمض سوى ساعات حتى أصدرت وزارة الخارجية اللبنانية بياناً، نفت فيه علمها «لا من قريب ولا من بعيد بإنشاء تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب»، مضيفة أنه «لم يتم التشاور معنا لا خارجياً ولا داخلياً». وشكل البيان حلقة إضافية من مسلسل تخبط السياسة الخارجية اللبنانية. وعلى مدار الأشهر الماضية، كشفت تصريحات باسيل، بخصوص نظام الأسد وخيار بقائه في الحكم، عن عمق الهوة بين مكونات التشكيل الحكومي في لبنان. وقال باسيل في مقابلة مع إحدى الصحف السويسرية إن «بقاء الأسد في الحكم، أقل سوءاً بكثير من حكم المتطرفين لسوريا، وفي مقدمتهم تنظيم الدولة داعش»، في تبن واضح لرواية النظام القائلة بأن «من يواجههم هم التنظيمات الإرهابية».
وأثارت تصريحات باسيل جدلاً على الساحة اللبنانية، خاصة وأنها تأتي متناقضة مع المواقف المعلنة لأعضاء الحكومة اللبنانية وفي مقدمتهم رئيسها تمام سلام الذي يؤكد رفضه لأي تنسيق مع نظام الأسد تطبيقاً لسياسة النأي بالنفس إزاء الصراع في سوريا.
ويرى مراقبون أن تصريحات باسيل ليست بالغريبة عن مواقف الرجل الذي ينتمي إلى فريق «8 آذار» المقرب من الأسد، والذي يشارك أحد أبرز مكوناته وهو «حزب الله» الإرهابي عسكرياً إلى جانب قواته. وفي إطار التطرق إلى «حزب الله»، يحاول باسيل تبرير تدخله العسكري في سوريا، من خلال الزعم بأن «الأزمة السورية باتت أزمة دولية، جعلت من سوريا ساحة لتدخل عدد كبير من الحكومات والمنظمات، ومن بينها جهات لبنانية».
* وقفة:
جبران باسيل يجهل أن السعودية ودول الخليج هي النصير الأول للبنان على مدار عقود، ولذلك فهو بحاجة لدروس في التاريخ، وإلى من يذكره باتفاق الطائف، و«حرب تموز»، ومراحل الإعمار المختلفة، وفترة اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري وما بعدها، ودعم الجيش اللبناني بمواجهة الإرهاب، والمنح السعودية والخليجية المتتالية في مؤتمرات باريس.. ذكروا باسيل وتياره وأعوانه بأن السعودية ودول الخليج تاج العرب.