الرأي

الحذر الخليجي في التعامل مع تدني أسعار النفط

صهيل




دول الخليج العربي تمر بوضع اقتصادي صعب في الفترة الحالية، وهو انعكاس لتأثر المنطقة بتدني أسعار النفط وهبوطها إلى أدنى مستويات لها، مما يحتم على دول المنطقة التعامل مع واقع لم تكن تتمناه، بل فرض عليها، وهذا الواقع المرير يتطلب من الجميع في خليجنا العربي التكاتف وحسن التعامل بروح المسؤولية الوطنية.
البحرين ليست بمنأى عن تلك التغييرات، فجميع دول مجلس التعاون الخليجي وبدون استثناء قد اتخذت أو في طريقها إلى اتخاذ قرارات سريعة فيما يتعلق بتعديل أسعار المنتجات النفطية التي تباع في الأسواق المحلية، فكذلك فعلت كل من دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، وربما البقية تأتي، لأن دول الخليج تعتمد على النفط كمدخول أساسي لها، واستمرار انخفاض سعر النفط سيعطي حلولاً لن ترضي أحداً ولكن لابد مما ليس له بد.
ويجرني الحديث هنا إلى التقرير المخيف الذي خرج به موقع «أويل برايس» العالمي في بداية العام الماضي، والذي حذر فيه الدول النفطية من السلبيات الكبيرة التي ستقع على تلك الدول في حال استخدامها برامج الإنفاق لاسترضاء مواطنيها، بالرغم من الهبوط الحاد في أسعار النفط والذي تكبدت بسببه تلك الدول – ومنها دول الخليج العربي - خسائر فادحة.
هذا التقرير أشار إلى أن تضاؤل الإيرادات النفطية شيئاً فشيئاً سيؤدي إلى انهيار أسعار النفط، وأن الأوقات التي وصفها التقرير بـ«السعيدة» بالنسبة لمواطني الخليج يشكك في أن تستمر، لذلك فإن دول الخليج العربي بحاجة إلى خطة بديلة للتعامل مع الفجوة الكبيرة في الإيرادات النفطية.
ونستنتج مما سبق أن قراراً كالذي صدر من الحكومة بشأن ارتفاع سعر البنزين لم يشكل عنصر مفاجأة إذا ما تتبعنا الوضع الاقتصادي العالمي ولدول المنطقة بشكل خاص، وربما أن مجلس النواب كان عتبه مقبولاً في عدم التشاور معه بشأن هذا القرار، على اعتبار أن إشراكه في مثل هذا القرار قد ينتج عنه رؤى مشتركة أو متقاربة لا تزعج أو تغضب أحداً، أي أن الجميع سيتحمل المسؤولية.
ويبدو أننا نعيش الآن ما ذكره تقرير «أويل برايس»، وما ذكرته التقديرات الصادرة من صندوق النقد الدولي التي أكدت تراجع النمو الاقتصادي في الدول الخليجية كلها بمعدل نقطة مئوية واحدة إلى ما نسبته 3.45 في 2015،. وأن الدول المصدرة للنفط ينبغي عليها التعامل بحذر مع هبوط أسعار النفط على أنه «ظاهرة دائمة»، مضيفة أنه ينبغي عليها أيضاً تقليص برامج الإنفاق.
إذن هذا هو المتوقع من واقعنا المرير الذي فرض علينا فرضاً ولم نكن نسعى إليه أو نطلبه، وأن هذه التحديات يتطلب معها التعامل بمسؤولية وطنية، حتى نتجاوزها بإذن الله ونعود إلى استقرار مالي أفضل.
البعض من ضعاف النفوس انتهز قرار ارتفاع أسعار البنزين في البحرين بشكل سلبي، واعتبر هؤلاء أن هذا القرار بمثابة الحجة والفرصة التي ربما لا تأتي كثيراً، فاستغلوا ذلك القرار سياسياً، لترتفع أصواتهم النشاز بالتحريض والتنكيل بقرارات رفع أسعار البنزين، ويحاولون أن ينفخوا في نار الغضب الشعبي «الطبيعي»، وبشكل ينم عن خبث غير مستغرب ولا مستبعد من تلك الفئة الضالة، لربما يجدون من يستجيبون بشكل «لا إرادي» لأولئك المحرضين، وهذا ما يجب ألا يكون، فنحن وإن اختلفنا مع الحكومة في بعض قراراتها فعلينا ألا نخلط الأمور، ولا نستجيب لمن يحرض على وطننا وقيادتنا الرشيدة، ونحن قادرون بفضل الله ثم بجهود القيادة والمخلصين من أبناء البلد على أن نخرج من أي مأزق كما خرجنا من مآزق أخرى سابقة.