الرأي

تحييد إيران عربياً وإسلامياً

ملامح



التضامن العربي والإسلامي مع موقف المملكة السعودية في قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، عبر قطع العلاقات أو استدعاء السفراء أو الاحتجاج ورفض الاعتداء على البعثتين الدبلوماسيتين السعوديتين في طهران ومشهد، شكل ضربة قوية لطهران التي ما فتئت تصر على التعامل بمنهجها الطائفي مع دول المنطقة.
فضحت إيران تلك المنهجية بالاعتراض على إعدام نمر النمر، رغم أن 46 آخرين أعدموا ولم تتحدث عنهم، والسبب في ذلك معروف، إضافة إلى أن طهران يجب أن تكون آخر من يعترض على أي حكم إعدام في أي دولة أخرى، إذ سجلها في ذلك فاضح وينافي حقوق الإنسان، ويكفي أنها أعدمت أكثر من ألف شخص في عام 2015، وأكبر الضحايا هم أهل السنة وأبناء الأقليات.
الموقف العربي والإسلامي الموحد يساهم في تحييد إيران في المحيط العربي والإسلامي، الأمر الذي يجعل إيران تواجه عزلة واسعة، يمكن أن تزداد يوماً بعد آخر.
بعد 72 عاماً تعيد إيران ذات السيناريو مع أول أزمة دبلوماسية وسياسية بينها والسعودية خلال فترة حكم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية، إذ إنه في نهاية عام 1943، أوقفت الشرطة السعودية أحد الحجاج الإيرانيين داخل الحرم المكي وهو يلقي القاذورات على الكعبة الشريفة ويشتم الرسول والصحابة عليهم الصلاة والسلام، وألقت السلطات السعودية القبض عليه وتم إعدامه.
وجاءت ردود الفعل الإيرانية غاضبة ومتهمة السلطات السعودية بالتشدد، وبررت ما فعله الرجل بأنه أصيب بالدوار أثناء الطواف مما أدى به إلى الاستفراغ قرب الكعبة، وأرسلت إيران إلى السعودية بشكل رسمي أن «السفارة تحتفظ بكامل حق الدولة الإيرانية»، ونتيجة لهذه الحادثة استدعى البلدان ممثليهما لدى الطرفين وقطعت العلاقات الدبلوماسية بشكل رسمي عام 1944.
أكبر الاشكلات والتحديات فيما يتعلق برؤية إيران تتلخص في أن شراكة ستقوم بالتدرج بين طهران والأسرة الدولية في إدارة شؤون المنطقة، لذلك فهي تتعامل بأنها صاحبة النصيب الأعلى المرجح دولياً ضمن توازنات القوى الإقليمية، إضافة إلى نواياها التوسعية في المنطقة، الأمر الذي فاقم عدم الثقة في إيران لدى الدول الأخرى بالمنطقة خاصة الخليجية منها.
المواجهة مع إيران سابقاً كانت تتخذ شكلاً قولياً أكثر من أي شكل آخر، لكن خطوات السعودية الآن فتحت الباب أمام سياسة ودبلوماسية أكثر حزماً في مواجهة التدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة، الأمر الذي يجب أن يدفع طهران إلى مراجعة شاملة لسياساتها في المنطقة.
صحيح أن القوى الكبرى لديها طريقتها في غض الطرف، ومحاولة صناعة «بعبع» في المنطقة للتخويف، عبر سياساتها غير المتوازنة، لكن ذلك لن يثني التوجهات السعودية الجديدة التي تقودها في المنطقة، ونجحت فيها.
المطلوب عربياً وإسلامياً راهناً توسيع مظلة تحييد إيران، حتى ترعوي، فإن لم تكن هذه الدولة أو تلك في مرمى طهران اليوم فربما يأتيها الدور غداً.