الرأي

عروبة البحرين

رؤى



حين نؤكد على عروبة أية دولة عربية فإننا نؤكد على طبيعة الواقع السياسي والجغرافي وأحقية كل دولة من دول الوطن العربي بالانتماء لتاريخها، فالانتماء والهوية لا علاقة له بالتمييز أو العنصرية، فحين نقول نحن «عرب»، فهذا يعني أننا ننتمي لأصولنا وجذورنا العربية بعيداً عن أي توصيفات سلبية لها من رائحة الاستنقاص بالأعراق الأخرى. ربما نفتخر بعروبتنا لكننا لا يمكن لنا أن نحتقر أو نسخر من بقية الأعراق التي نشترك معها في الإنسانية.
وإذ نؤكد تمسكنا بهذا المفهوم الفلسفي والإنساني، نؤكد كذلك في المقابل على تمسكنا التام بعروبتنا وعروبة أوطاننا العربية، وعدم قبولنا بتغيير هذه الهوية الأصيلة تحت أية ذريعة سياسية أو جغرافية، ولهذا فإن فكرة تقسيم المنطقة العربية لا يمكن قبولها على الإطلاق، بل لا يمكننا أن نتقبل كل فكرة تصب في خانة تفتيت الأراضي العربية، والذي نعتبره نحن العرب، حقاً أصيلاً وليس حقاً مكتسباً.
من حق الأتراك أن يدافعوا عن انتمائهم العرقي، وكذلك من حق الإيرانيين أن يدافعوا عن قوميتهم وعن عرقهم الآري، لكن ليس من حق أحد أن يمنع العربي من الانتماء لعروبته وقوميته، فما يجوز لغيرنا يجوز لنا، أما في حال تحولت منطقتنا لدولة فيدرالية عالمية، حينها نقول «لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى»، وهذا لن يكون في عصرنا الراهن أبداً، خصوصاً في ظل التعقيد العرقي والمناطقي داخل الشرق الأوسط، وبهذا ستكون عروبتنا حتمية وليس اختياراً. في ظل هذا الوعي بالتاريخ والجغرافيا والحاضر، يكون من واجبنا ومن حقنا الطبيعي في البحرين أن نتمسك بعروبتنا والحفاظ على هويتنا، والأهم من كل ذلك الاعتراف الصريح والواضح «بعروبة البحرين»، وأن أي مشروع سياسي أو جغرافي أو ديني أو إثني يختمر في العقول أو في خواطر أصحابها من دون الاعتراف بهذا الحق الأصيل بعروبة البحرين، فهو خارج نطاق المنطق والنقاش، ومن هنا فإن كل المشاريع التي لا تخدم هذه الفكرة فإنها لاغية بحكم التاريخ والواقع. لا يمكن للإنسان البحريني أن يتنازل عن عروبة وطنه، ولا يمكن لمن ينتمي لهذه الجزيرة المباركة أن يتنازل عن مثقال حبة من خردل عن عروبته لصالح أعراق أخرى، ولو كان في ذلك انتماء لدين أو لمصلحة سياسية عابرة، فالبحرين العربية هي الثابت، وبقية الأشياء هي المتغيرة. هذه القاعدة التي يجب الاتفاق عليها دون قيد أو شرط، ألا وهي «عروبة البحرين»، والتي نستطيع أن نبني عليها بقية كل مشاريعنا السياسية وغيرها وفق أصالة هذه الهوية المتجذرة في الأعماق، والتي لا يمكن بأي حال من أحوال القوة أن تتغير مهما أخذتنا الأوهام السياسية أو ظروف الانتصار لعرق دون آخر أو لمذهب دون سواه، فالبحرين عربية وستظل عربية إلى أبد الآبدين. ربما نحترم بقية الأعراق التي تعيش بيننا ونتعامل مع أصحابها وفق مبدأ الاحترام والإنسانية، لكن كل هذا لا يمكن أن يسلب البحرين «عروبتها» التي هي جزء لا يتجزأ من وجودنا الفطري والأبدي.