الرأي

أنت حوار يا حوار

في الصميم



سيستجدي ويترجى أكثر وأكثر، ويحاول البحث عن طوق للنجاة، وسيأتيك مطأطئ الرأس، ضعيف النفس، هيناً، مهاناً، واهياً، محنياً، خاضعاً، ذليلاً، قد ذل جموحه وكبرياء النفس، وانكسر طموحه، تحديداً، كما فعل «شيخ المجاهدين»!!
وإن طلبت مني النصيحة سأعتذر، وأقول لك: في هذا الزمن، من يقول كلمة حق، أهله يتبرؤون منه، لا، وينشرون بياناً ضده في الصحف، يعني انتهى زمن «أنا وأخويا على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب»، وأصبح «أنا والغريب على أختي»، وعلى رأي الشاعر:
آه يا زمن العجائب..
كلمة «حق» في قاموسك باطل..
واللي ينطق بيه مغفل كداب..
الخاين فيك ماشي بيتباهى..
عايش متعايش سعيد.. فرحان..
لكن إن ألححت في طلب النصيحة، فستكون نصيحتي المخلصة لك: الخائن لا يؤمن غدره فهو لا يعير للقيم والوطنية والأخلاق معنى، والمعنى مما قلته إن الحوار مع هؤلاء غير مجدٍ، لأنهم لب المشكلة، وأصل الداء ومربط فرس الأزمة، وجودهم يعني وجود رأس المؤامرة والفتن على الساحة، وسيأتي يوم ليس ببعيد، يجيئون فيه بآخر أشد منهم عمالة، يتآمر من جديد على هذا البلد ويزرع الفتن وسط هذا الشعب، وصدقني إن قلت لك إن تجاهلهم وعدم الرد على هواتفهم وتركهم للتاريخ وحده يلقنهم دروسه القاسية التي لقنها لمن سبقهم من المتطرفين، هو الحل الأسلم، وحتى يحدث ذلك عليك أن تحصن النسيج الاجتماعي من فيروس التطرف ووباء الفتن وبناء الذات والسعي لمستقبل أفضل لهذا الوطن.
ولا يعني ذلك رفضي للحوار جملة وتفصيلاً، حتي لا أتهم بأني «ناصبي» ذو ميول «داعشية»، عائلتي من أصول أفغانية، حصلت على الجنسية البحرينية في منتصف الخمسينات، وذلك وفق المعايير التي يروج لها أذناب إيران في الداخل والخارج فيما يسمي بـ«مرآة البحرين»، والتي أصبح ما يكتب فيها رخيصاً، بل أعلنها وبكل وضوح، مع الحوار، ولكن بعد التخلص من عصاعص «الوفاق» وعمائم الفتن وأرباب السجون.
المشكلة ليست في الحوار نفسه، ولا في الحجج والتعليلات التي تتذرع بها بقايا «الوفاق»، وتستجدي فيها الحوار، ولا رنين هاتف «جميل جمال» الذي لا يهدأ ولا ينقطع «وملوش مثال»، المشكلة الحقيقية في المشاركين أنفسهم في الحوار، إذ من الاستحالة التحاور مع خائن وعميل، أو ربيب سجون، أو من يأتيك متأبطاً أجندته من إيران، فمثل ذلك الأمر يتناقض تماماً في مضمونه بشكل صارخ حتى مع مبادئ الدستور، بل مع قيم ومبادئ الإنسانية العليا، والتي تكون أقوى من الدستور نفسه. فلم نسمع أبداً في تاريخ الأمم، ماضيها وحاضرها، أن جماعة خانت وطنها علناً وعلى مرأى من الأشهاد، بل وتفتخر بذلك، وتحرض على كراهية الوطن والسعي إلى أذاه بكل السبل، ثم تجلس على طاولة الحوار!!
ولا أستطيع أن أكتم غيظي وأنهي هذه السطور من دون أن أرد على المتحذلقين المتأنقين بشعارات ومصطلحات لا يفقهونها أصلاً: انظروا في الدنيا من حولكم، ستجدون الديمقراطيات العريقة بما فيها بريطانيا نفسها تحمي نفسها بروادع دستورية وقانونية، تحرم مثير الشغب وليس الخائن لوطنه فحسب، من حق السكن الحكومي الذي تقدمه الدولة، هذا ما فعلته حكومة ديفيد كاميرون في أحداث لندن عام 2011!!
لن أطيل في الحديث أكثر من ذلك لكن جملة ما أريد أن أقوله هو، دلوني على نظام ديمقراطي رشيد في هذا العالم يمنح الخائن والإرهابي ومثير الشغب منزلاً من الإسكان؟