الرأي

أنقذوا أطفال سوريا من البرد

مــــــــــداد



عندما توقظون أبناءكم صباحاً للذهاب إلى المدرسة، وعندما تريدونهم أن ينهضوا من دفء الفراش ليغتسلوا ويلبسوا ثيابهم في أجواء البرد الجميلة التي نعيشها، لنتذكر معاً أطفال سوريا وهم يسكنون الخيام والملاجئ، لنتذكر طفولة ضائعة تائهة وهي ضحية لإحدى أكبر الأزمات في العالم والتي تجابه بالصمت.
أطفال سوريا في ظل شتاتهم من بيوتهم، وضياع بلدهم، أقل ما يستحقونه هو التفاتة إنسانية تدثرهم من برد الشتاء، لاسيما أن شتاء سوريا أكيد ليس كما هو شتاؤنا (الدلع)، فهم يسكنون العراء في درجات تصل إلى ما دون الصفر، ولنتذكر كم منهم ماتوا خلال السنوات الماضية بسبب البرد، لاسيما الرضع منهم.
لفتة إنسانية منكم يا أهل الخير، لا تبخلوا بدنانير قليلة هي كثيرة في مثقال ميزان رب العباد، فإذا ما شارك الجميع في مثل هذه الحملات حتماً ستكون النتائج مثلجة للصدور، ويا (بخت) من نال دعوات الخير والجزاء من طفل محتاج أو ولي أمر لا يملك ما يقدمه لابنه في بلد أحوج ما يكون للمعونة.
(الحملة الكبرى) و(حملة الحقيبة الشتوية) و(دفئوهم) و(صدقتكم حياة) وغيرها، كلها نماذج لأعمال خيرية رائدة يراد من ورائها تقديم القليل لبلد خسر الكثير، هي شعارات إنسانية تخدم الطفولة، وتنقذ أبرياء من إحدى أشد كوارث الطبيعة ألا وهي (البرد والثلج)، فلا تستهينوا بدنانير بسيطة كل حسب طاقته، ولا تستهينوا ببطانية قديمة، ولا بجاكيتات -البعض يبدلها ليس لأنها غير صالحة للاستخدام ولكن بدافع الموضة والتغيير-، فهناك من يتمناها.. لا تغضوا الطرف عن حاجة الناس، ولا تستهينوا بعمل خير بسيط قد يكون هو المنجي يوم الحساب، (فمن يفعل مثقال ذرة خيراً يره).
في العام الماضي نشرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن «نحو سبعة ملايين طفل سوري وعراقي عالقون في النزاع سيواجهون «شتاء قاسياً» مع اقتراب موسم الشتاء برياحه الباردة وأمطاره المتجمدة ودرجات الحرارة المتدنية من الشرق الأوسط، وهذا السيناريو سيتكرر أيضاً هذا العام بطبيعة الحال.
المرير في الموضوع أن المنظمة كانت قد أعلنت أنه بسبب الأوضاع الحرجة التي تتعلق بصعوبة القدرة على الوصول لهذه الفئات ونقص التمويل فلن تتمكن للأسف من الوصول للعديد من الأطفال.. كما وأجبرت على خفض عدد الأشخاص الذين تستطيع تقديم المساعدة لهم بسبب نقص التمويل، وهذا يزيد من وضوح المأساة التي نتحدث عنها.
أكثر من 3.3 مليون سوري أصبحوا لاجئين، وأكثر من 7.2 مليون سوري أصبحوا نازحين داخل سوريا، تشرد العديد منهم عدة مرات، ومنذ مارس 2011، أجبرت الأزمة السورية أكثر من تسعة ملايين سوري على مغادرة منازلهم، ولجأ حوالي ثلاثة ملايين منهم إلى الخارج، فهل هذه الأرقام التي تزداد يوماً بعد يوم كفيلة لأن نتحسس هذا الوجع الذي يعيشونه، وهل ستتحرك مشاعرنا من أجل تقديم أفضل ما يمكن تقديمه لمساعدتهم.
آخر القول، شكراً لكل من يعمل في قطاع العمل الخيري بذمة وإخلاص، وشكراً للجهود الصامتة التي تعمل وتسافر وتخدم الإنسانية ولكنها لا تنشر ولا تعلن عما تقدمه لأنهم ببساطة يطبقون قول (اليد الشمال لا تعلم ماذا أعطت اليمين).