الرأي

بعيدون كل البعد عن الإفلاس..!

أبيــض وأســود



من الواضح أن التصريحات التي تخرج بين فترة وأخرى من جانب مسؤولين بالدولة وتتعلق بالوضع الاقتصادي قد تسببت برد فعل عند الناس، وجعلت البعض «من يملك بيزتين» يحاول أن ينقل أمواله للخارج، جراء تصريحات خرجت من مسؤولين بحرينيين، وجراء ما يحدث لنا من انخفاض للتصنيف العالمي.
كما أن هذه التصريحات أيضاً ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي والوضع المصرفي بشكل واضح، وأن هناك من المؤسسات المالية من تضررت من التصريحات، وتضررت من هبوط تصنيف البحرين جراء الاقتراض ومخاطر الاقتراض، وقدرة البحرين على السداد..!
يوم أمس وفي جلسة مجلس الشورى قال عضو الشورى جمال فخرو: «إننا ندخل إلى نفق مظلم، وإن استمرار الوضع الحالي لأسعار النفط سيجعل البحرين لا تستطيع أن تفي بالتزام الرواتب للموظفين». هكذا قال أو ما يحمل هذا المعنى.
بينما نقل أيضاً عن تصريحات لوزير المالية في جلسة أمس بالشورى أنه قال كلاماً طيباً من حيث المعنى، حيث قال: «إن البحرين بعيدة كل البعد عن الإفلاس، وإن انخفاض أسعار النفط إلى الأسعار الحالية لم يفاجئنا، وإننا في تحدٍّ كبير لكننا بعيدون عن الإفلاس».
كمواطنين لا نعرف الحقائق ولا نملك الأرقام، لكن وزير المالية طمأن الناس، وطمأن المواطنين وقال إن البحرين بعيدة عن الإفلاس، كمواطنين نتمنى أن يكون التصريح صحيحاً وواقعياً، وحقيقياً، وأن تكون البحرين بعيدة عن الإفلاس، من بعد تفاقم الديون، وتفاقم أرباح الديون التي أصبحت مشكلة كبيرة، حتى أصبحنا نقترض لتسديد فوائد القروض، وهي قروض ربوية قطعاً.
تفاصيل ما ورد في جلسة مجلس الشورى لم تنشر بعد، وأغلب الصحف نشرت أن تفاصيل الجلسة ستنشر في عدد الغد، أي عدد اليوم.
من الواضح أن هناك نوعين من التصريحات تخرج من المسؤولين، ومع عميق الأسف هذه التصريحات تخرج من ذات المكان، وربما ذات المصدر.
النوع الأول من التصريحات أشعرنا كمواطنين أننا على وشك الغرق، وأن السفينة بها عدة فتحات، وأن الوضع خطير جداً، وهذا حدث ويحدث بسبب تفاقم الديون وانخفاض السيولة المالية لدى الدولة، وهذه الإشارات خرجت من أكثر من مصدر بالحكومة الموقرة.
النوع الثاني؛ هو ما خرج به أمس تصريح وزير المالية، حين قال إننا بعيدون تماماً عن الإفلاس، وهذا النوع من التصريحات أقل بكثير من عدد التصريحات التي جعلت الناس تخشى على وطنها من الإفلاس، أو أننا نحاكي وضع اليونان..!
من هنا يبدو أننا أمام مرحلة مبهمة، أو مرحلة ضبابية، وهناك تباين في التصريحات، بينما هناك أكثر من مصدر للأخبار السيئة، أحياناً رسمية، وأحياناً أخرى من مجلس الشورى، وبعض الأحيان «الأقل» من النواب الذين خفتت أصواتهم، وأصبح بعض الأعضاء مسالمين جداً من حيث المواقف.
في جلسة مجلس الشورى أمس أيضاً، قال الشيخ عادل المعاودة كلاماً يبدو أنه يقصد فيه الغرفة الأخرى للتشريع، حين قال: «إن صلاحيات مجلس الشورى قلصت لصالح أشخاص لا يقدرون الدور التشريعي ولا الدور الرقابي، وإنما يلعبون بالبلد».
وهذا كلام خطير من رجل شغل مناصب في الغرفتين التشريعيتين وهو خبير بهما ويعرف دهاليزهما، وأعتقد أن شيئاً مما قاله المعاودة يقوله أيضاً الشارع البحريني.
أعود لما يطرح في مجلس الشورى وهو حديث الناس في الشارع، خاصة مع كل هذه التخويفات التي تأتيهم، من أن انخفاض أسعار النفط سيجعل البحرين على مشارف الإفلاس، فغياب المعلومة الصحيحة يجعل الناس والإعلام يخوضون في المعلومات الخاطئة، والمعلومة الصحيحة لا تتوفر للإعلام، وهي ملك الجهات المعنية الرسمية.
لم تحدث مكاشفة ومصارحة للناس عن كيفية معالجة الدين العام، وكيف يمكن لإجراءات الدولة التي حدثت وتحدث أن تجعل الدين العام يتقلص، كل هذه المعلومات غائبة، ولم تقم الجهات الرسمية والمعنية بمكاشفة الناس والإعلام والمجلسين بهذه الاستراتيجية.
وهذا خلل كبير، إن كانت لديكم رؤية واستراتيجية تقوم على تقليص الدين العام خلال أربعة أعوام، فأخرجوا للناس وأخبروهم بالأرقام، وبالتواريخ، وكيف سنصل إلى نقطة التعادل.
كل هذه الأمور لم تصل إلى الناس والمجلسين والإعلام، وغيابها يعطي انطباعاً بأن الجهات المعنية ليس لديها ثقة في أنها فعلاً تستطيع أن تصل إلى نقطة التعادل خلال أربعة أعوام.
** رذاذ
في موضوع الاقتراض، نجد أن دولاً عربية تقوم بالاقتراض من دول خليجية، وهي السعودية، والإمارات، والكويت، وإذا كان كذلك فلماذا لا نقترض من هذه الدول بدلاً من المؤسسات المالية العالمية والتي تضع علينا أرباحاً مركبة، وتهددنا بتغيير التصنيف كلما زاد الاقتراض؟