الرأي

عهد تفرد واستباحة إيران للعراق انتهت صلاحيته

عهد تفرد واستباحة إيران للعراق انتهت صلاحيته







يبدو أن التدخل الروسي في سوريا كـان بالنسبة لإيران نذير شؤم لأنه اقترن بمجموعة أمور ومتغيرات كـانت جميعها وفي خطها العام في غير صالحها، وأن الذي يجري حالياً في سوريا نفسها تطورات ومستجدات تجسد تراجعاً ملحوظاً للدور الإيراني في هذا البلد بوتائر تبعث على أكـثر من علامة استفهام.
ارتفاع عدد قتلى القادة الكـبار في الحرس الثوري الإيراني وضباط ذوي رتب عالية، واستمرار الهزائم العسكـرية أمام قوى المعارضة السورية من جهة، وعدم تمكـن التدخل الروسي من إحداث أي تغيير مؤثر وواضح في الأوضاع في سوريا بالشكـل الذي يتلاءم وحجم هذا التدخل، هي كـلها مؤشرات بالغة السلبية بالنسبة لإيران، وهو ما يوضح أن المأزق السوري قد صار أكـثر صعوبة وتعقيداً من ذي قبل، لكـن الذي زاد الطين بلة وعقد الأوضاع أكـثر وأضفى عليه الكـثير من الضبابية هو ما يجري في العراق والذي بات يقض مضجع الإيرانيين ويصيبهم بصداع استثنائي.
الانسحابات الكـبيرة لقوات الحرس الثوري الإيراني من سوريا واتجاه القوات المنسحبة إلى العراق ليس لها علاقة بالهزائم العسكـرية المتتالية والأوضاع الحرجة في سوريا وإنما وطبقاً لمعلومات مؤكدة واردة له علاقة بتطورين استثنائيين هما:
* التوغل التركـي في العراق والذي لم يأبه لكـل الضجة والصخب السياسي والإعلامي الجاري في العراق وبقي على حاله.
* قرار الولايات المتحدة الأمريكـية بإرسال قوات أمريكـية إلى العراق دعماً للسنة هناك طبقاً لبعض المصادر الموثوقة.
ما أثار حفيظة إيران كـثيراً وجعلها في توجس وريبة من الأحداث الجارية في العراق، هو أن الموقف الأمريكـي خصوصاً والغربي عموماً لم يتجه لإدانة التوغل التركـي أو الطلب منه الانسحاب، ولذلك فإن الضجة السياسية والإعلامية الواسعة ضد التوغل التركـي والتي اقترنت أيضاً بموقف من جانب المرجعية الدينية ضد التوغل التركـي ودفاعاً عن السيادة الوطنية للعراق، رغم أن المرجعية لم تتحرك ضد دخول الآلاف من قوات الحرس الثوري وانتهاكـات طيران الحرس الثوري الإيراني للأجواء العراقية واقتحام أكـثر من نصف مليون إيراني للحدود العراقية من دون تأشيرات دخول، وهو ما يدفع للقناعة أكـثر بأن المرجعية الدينية تتحرك طبقاً لأوامر إيرانية وتحديداً من المخابرات الإيرانية.
التدخل الروسي الذي فرحت به إيران كـثيراً، لم يكـن ولن يكـون أبداً كـما تتصور وإنما هو أمر يدخل في حسابات «لعبة الكـبار»، وإيران هنا مجرد حلقة أو أداة وليس طرفاً، وإن إيران التي بدأت تدرك شيئاً فشيئاً ما تخبئه لها الأقدار خلف الضباب الكـثيف، صارت على ثقة كـاملة بأن الأوضاع في العراق بدأت تسير باتجاه مفترق ومنعطف يتقاطع تماماً مع نهجها ومخططاتها في هذا البلد، هذا المفترق أو المنعطف فيه أكـثر من مؤشر ودلالة على أن عهد تفرد واستباحة إيران للعراق زمان قد انتهت صلاحيته.
* الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان