الرأي

يوم الشهيد.. وفاء لهم وذكرى لنا

ورق أبيض



«.. لمن دواعي الفخر والواجب، أن نستذكر شهداءنا البررة الذين ستبقى أسماؤهم وتضحياتهم علامة خالدة ومضيئة في تاريخ البحرين، وتخليداً لذكراهم العطرة على مر تاريخ مملكتنا، فقد تقرر أن يكون اليوم السابع عشر من ديسمبر من كل عام، الذي يصادف يوم عيد جلوسنا، مناسبة احتفاء وتكريم للشهداء تقديراً واعتزازاً لما قدموه لوطنهم وأمتهم من تضحية وفداء».
بهذه الكلمات، أعاد جلالة الملك، القائد والأب، التأكيد على أن البحرين ستبقى وفيةً على الدوام لأبنائها البررة الذين قدموا دماءهم وأرواحهم دفاعاً عن تراب الوطن، وحفاظاً على مكتسبات الأمة ونصرة لإخوانهم المستضعفين.
فأبناء البحرين الذين جبلوا على الشجاعة والإقدام والفداء، لم يكن ليعيقهم عن أداء واجبهم عائق، ولم يكونوا ليترددوا لحظة واحدة في الدفاع عن وطنهم وأمن أمتهم ومستقبل أجيالها، فتراهم دائماً في الصفوف الأولى في ميدان الشرف والفداء والوفاء، مقدمين أغلى ما يملكون لأقدس قضايا الوطن والأمة، مقدمين أرواحهم الطاهرة قرابين عز وفخر ومجد.
وما يوم الشهيد البحرين، الذي حرص جلالة الأب القائد أن يقترن بذكرى جلوس جلالته على العرش، إلا حرص وتأكيد على أن الشهداء هم مصدر الفخر والإلهام والعزة، وتذكير لنا جمعياً بأن من يموت لأجل وطنه وأمته سيبقى عظيماً خالداً، وسيقيد بدمائه الطاهرة مشاعل الحرية التي تنير دروب الأجيال من بعده.
هذه هي البحرين اليوم، بلد الوفاء كما كانت على الدوام، تستذكر قصص الخلود التي كتبها شهداؤها بدمائهم على أرض المعركة؛ قاتلوا بشرف لأجل رفعة وطن ونصرة مظلوم، ولم يهابوا يوماً رصاص عدو أو مكيدة حاقد، وكلما سقط منهم شهيد تسابق الرفاق لحمل راية العز والكرامة، راية الوطن، لتبقى دائماً عاليةً خفاقة في أعالي السماء، تشق السحاب معلنةً بكل فخر واعتزاز أن في الوطن رجالاً لا يهابون الموت..
شهداء البحرين الذين سطروا بدمائهم ملاحم البطولة والوفاء، وقدموا لنا جميعاً سر الخلود ومعنى الرجولة والكرامة، حقٌ لهم علينا أن نستذكر بطولاتهم وتضحياتهم، ليس ليوم واحد فقط، وإنما ليكونوا لنا مشاعل هداية تنير الدرب وتعيد كتابة تاريخ الوطن بحروف لن تمحى، أبو إلا أن يرسموها بدمائهم الزكية لتنبت للأجيال القادمة زهوراً ورياحين وأشجار نخيل باسقة، أصلها في الأرض وفرعها في السماء.
في هذا اليوم الوطني المجيد، لا بد من تقبيل أيدي ورؤوس أمهات وآباء الشهداء، فهم من زرع فيهم معاني الوفاء والولاء والتضحية لأجل الوطن، وهم من يحق لهم أن يفخروا بمن أنجبوا، بما نالوا من أعلى مراتب وأغلى الأوسمة، لأنهم الأحياء عند ربهم يرزقون الفرحين بما آتاهم الله من فضله.
عقيدة الشهادة والوفاء، كانت على الدوام، عقيدة جنود البحرين المخلصين لوطنهم، مستلهمين من كلمات وفكر قائدهم، حمد بن عيسى، كل معاني الوفاء والانتماء والتي ما فتأ يؤكد عليها في كل مناسبة، لأنها وصايا الأجداد الفاتحين، الذين لم تكسرهم أكلاف حرب من دماء وأموال وتضحيات، فكانت البحرين على الدوام منارة للعروبة والكرامة والرفعة، تحميها سواعد أبنائها وفكر قيادتها التي تزرع فيهم على الدوام معاني الثقة والوطنية والوفاء.
يوم الشهداء، هو يوم الوفاء لأهل الوفاء، هو يوم التقدير لمن ضحى بحياته لأجل الوطن، فالمجد والخلود لشهدائنا الأبرار، ولمن علمنها معنى الانتماء والوطنية، والمجد لمن سقط على الأرض ليرتقي إلى السماء وهو يدافع عن كرامة الأمة، المجد لكل شهداء البحرين الذين أعادوا للتاريخ هيبته، وعلمونا أن الوطن والشرف والكرامة أغلى بكثير من الأرواح.