الرأي

يوم المرأة.. نقطة مراجعة

مــــــــــداد






إن أردنا الاحتفاء بمناسبة يوم المرأة البحرينية، فحري بنا أن نستذكر ماذا حقق المجتمع البحريني لها، فبين نصوص الدستور التي كفلت المساواة والكرامة والحقوق، وبين كفتي القوانين المنصوصة وأخرى قيد التنفيذ يرتسم هذا الواقع.
لقد جاء المشروع الإصلاحي ليضع هذا الملف في مكانه الصحيح، فلم يكتف ببنود واضحة في وثيقة ميثاق العمل الوطني بل جاء هذا الاهتمام بشكل مؤسسي جعل من المجلس الأعلى للمرأة محركاً لتغيير اجتماعي نوعي نلمسه يوماً بعد يوم.
ما الذي تغير؟ أين كانت المرأة وأين وصلت؟ فصورة تلك المنكسرة من مشكلات أسرية أو اجتماعية لم تعد نفسها اليوم، تلك العاطلة عن عمل أو الراغبة في التعلم الأكاديمي أو الحرفي لم تعد تائهة بعد اليوم، أو تلك الضائعة بين دهاليز المحاكم تطلب حقها في الطلاق أو الفقه أو الحضانة، كلها صور لم تعد كما كانت.. إذاً إن ذاك الإطار القديم للصورة النمطية لم يعد ملائماً بعد الآن، إذ نجد المرأة في صورتها المؤطرة الجديدة باحثة عن ذاتها ترغب في التطور والتعلم والمنافسة، تطالب بحقها دون انكسار، ترفع صوتها عالياً دون خجل للمطالبة بحقوقها في كافة الميادين.
نعم.. ثمة واقع جديد يتشكل، امرأة مختلفة لا ترضى بالمرتبة الدنيا في أي سلم، تتطلع إلى النجاح والتفوق في مجتمع كفل حقها كشريك لها لا كوصي عليها..
أين النقاط المضيئة: قانون أحكام الأسرة بشقه الأول، تكافؤ الفرص، تغير الإحصائيات المعنية بمؤشرات المرأة، بروز النماذج في مختلف الميادين، والأهم احتفاء الوطن بيوم المرأة المتجدد كل عام تحت شعار يحمل برنامج عمل لعام كامل تحت رعاية السيدة الأولى حرم عاهل البلاد.
(قرأت تعلمت شاركت) شعار يحمل في تراتبيته ملخصاً يختزل المرأة التي نريدها.. هي امرأة قارئة أولاً تنشغل بالتعلم المستمر وتشتغل بالمشاركة الإيجابية أينما كانت.. بكلمات ثلاث تدرك الفتاة البحرينية ما الذي يتوجب عليها فعله، وما هي خطوات النجاح أمامها.
الحديث عن التغير المجتمعي الذي أصاب ملف المرأة لا يعني مثاليته أو بأنه وصل إلى الكمال، بل هو حديث يفتح أيضاً باب التطلعات والتأمل في النواقص من باب التشريع أولاً ومن باب كيفية تنفيذ التعامل المأمول مع ملفات المرأة وقضاياها كأسلوب حياتي متطور تحول من صفة (الجدة) إلى صفة (الديمومة).
مقابلات المكرمات هذه السنة وفي السنوات الماضية تؤكد روح الإصرار على النجاح، ولكنها تكشف أيضاً جانباً مهماً آخر يستحق التأمل فيه ألا وهو دور الرجل في وصولهن لما وصلن إليه من تميز، فالمرأة المكرمة هي ابنة رجل عظيم تعب في تربيتها وتعليمها وتشكيل شخصيتها وصقلها حياتياً، وهي زوجة رجل لم يكن أنانياً في التعامل مع نجاحها بل ساندها وحمل عنها ما يستطيع وشاركها تفاصيل مشوار حياتها، ورأى في نجاحها إضافة له ولأبنائه، هذا الرجل (النموذج) هو الذي يستحق اليوم كلمة شكراً، فليست المرأة الناجحة سوى حصاد لمثل هؤلاء من الرجال العظماء.
آخر القول.. لقد أصبح «يوم المرأة البحرينية» مناسبة وطنية مهمة تحظى باهتمام لافت من قبل كافة المؤسسات الرسمية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني، يتم خلالها الاحتفاء بإنجازات المرأة البحرينية تقديراً لمشاركتها وعطائها الفاعل في مختلف القطاعات والتخصصات المهنية، وبين احتفاء برائدات، وبين شهادات شكر وتوزيع الورود والحلويات، وبين احتفالات أسرية ترسخ قيم هذا اليوم، لاتزال بعض المؤسسات التي لا تظهر في الأضواء في هذه المناسبة ولا تستذكر موظفاتها ولو كان بإيميل داخلي (كأضعف الإيمان)!.
للمصرفيات نقول: «هنيئاً لكن يومكن، فأنتن نجمات هذا العام».