الرأي

ابن العلقمي لم يكن أميراً ولا والياً

ابن العلقمي لم يكن أميراً ولا والياً


ليس من الصالح العالم السكوت عن أمن الشركات الوطنية والحيوية، ولا ما يحدث فيها من اختراق وتمكين من الداخل، ولا داعي لشرح المزيد فالمعنى مفهوم، ولا ندري لماذا يتجاهل المسؤولون في هذه المؤسسات سلامة وأمن الشركات، الذي قد يكون مصدر خطر على الدولة، بل المصدر الأخطر، وذلك عندما تكون ممراً آمناً في بعض الشركات لنقل أسلحة وحتى كتيبة من الحرس الثوري الإيراني على مراحل، وكذلك نتحدث عن مدى أمن شركات النفط والغاز والاتصالات وغيرها، ومدى الاحتياطات الأمنية لمواجهة أي طارئ لا قدر الله، خاصة وقد مرت البحرين بتجربة كشفت عن حجم الاختراق الكبير لهذه الشركات.
إن اليوم أيادي تتلاعب في مصير هذه الشركات ليس فقط من الناحية الأمنية بل من الناحية الاقتصادية أيضاً، وذلك عندما تشكل هذه الشركات الشريان الاقتصادي والأمني للبحرين، وها نحن نرى أمامنا عدم مقدرة بعض من هذه الشركات حتى على تغطية تكلفة رواتب موظفيها، كما أصبحت تشكل عبئاً على ميزانية الدولة السنوية، وذلك حين نشاهد تكرار أسماء بعضها في الدعم السنوي الذي يبلغ مئات الملايين من الدنانير، مما يعني أن هناك تعمد لخسارة هذه الشركات، وذلك حين نرى مثيلاتها من الشركات لا تدر أرباح على الدولة بل حتى أرباح على محطاتها في الدول الأخرى، وعلى سبيل المثال شركة وطنية إماراتية لها فرع في الهند تسهم بـ 848 مليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي، حيث أكدت دراسة أجراها المجلس الوطني للبحوث الاقتصادية التطبيقية «NCAER» في الهند الدور الإيجابي لعمليات تلك الشركة الوطنية الإماراتية في دعم الاقتصاد الهندي، كما توقعت الدراسة أن يزداد هذا التأثير إذا ما سمح لتلك الشركة بتوسيع وجودها في السوق الهندية، أما في البحرين فما يحصل هو العكس، وذلك عندما يكون من يسيطر على عمليات هذه الشركات يتعمد تعريض هذه الشركات للخسارة، بدءاً من عمليات الصيانة التي توقف عمليات الشركة، كما تعرضها لاحتمالات الكوارث، هذا من الجانب الاقتصادي المتعمد لتدمير اقتصاد البحرين، أما الجانب الأمني، فقد ذكرنا أنها ممر آمن، وقد تساهم بعض هذه الشركات في مؤامرات انقلابية، عندما تكون أزرار تشغيل الآلات في يد الموالين لإيران، وهناك بعض المسؤولين ذوي العلاقة على علم بما يجري، ألا أنهم لم يحركوا ساكناً.
ونربط هنا بين الأطماع الإيرانية في البحرين والتهديدات باحتلالها، وبين وضع البحرين الاقتصادي والأمني، مما يسهل الطريق للتدخل الإيراني المباشر في البحرين، وتصريحات خامنئي بالأمس لم تصدر منه إلا عن علمه بما يحدث في الداخل، وذلك حين يستلم رسائل مطمئنة له من عملائه على أن الخطة تمشي بسلاسة، أذ إن العملاء لن يحد من تحركهم داخل المؤسسات الحيوية اعتقال رؤس الانقلاب في السجن، خاصة أن توجيهات طهران وتبادل المعلومات تتم ببساطة سواء حتى من داخل السجون، وها هي رسائل قادة رؤوس الانقلاب تتواصل من داخل السجن علانية، غير السرية، والشبكات الانقلابية قد امتدت ومازالت تواصل الامتداد حتى اليوم وإلى الغد، وهناك من أعضاء الخلايا والذين شاركوا في المؤامرة الانقلابية قد وصلوا إلى مراكز متقدمة ومرموقة في بعض هذه الشركات، وقد اعتمدت ترقياتهم في المناصب من قبل الإدارات التنفيذية لهذه الشركات.
كما إن هناك بعض عمليات التلاعب في الصيانة في بعض الشركات، وذلك عندما أسندت الأمانة إلى غير أهلها، وقد تم توظيف أشخاص غير مؤهلين لعمليات الصيانة في بعض الشركات الحيوية، وبرغبة من رؤساء الإدارات والأقسام بها، وغياب دور الموارد البشرية التي هي سبب المصيبة، وذلك عندما يتم تعيين مسؤولين فيها تعمدوا من بداية تعيينهم إقصاء المخلصين وتقديم من ينفذ أوامرهم في بعض الشركات الحيوية التي تمثل عصب الاقتصاد والأمن القومي.
الوضع مستمر وسيستمر لأنه يبدو أن المؤامرة الانقلابية لم نتعلم منها أن الاقتصاد والأمن يجب أن يكون في أيدي أمينة، ليس فقط الرئيس التنفيذي، بل الأهم بطانته والموظفين في الإدارات الحساسة، وها هو ابن العلقمي لم يكون أميراً ولا والياً، بل كان عاملاً لدى المستعصم بالله، ولكنه استطاع أن يقضي على دولته عندما تراسل مع التتار وسهل لهم دخول بغداد.