الرأي

مسرحية الشرق الأوسط.. خليجستان والشيطنة الغربية

نظــــــرات



في الوقت الذي تبحث فيه أوروبا عن بدائل لكيفية التعامل مع الإرهاب والتطرف القادم من الشرق الأوسط، تظهر نزعات متطرفة لدى بعض الساسة الأوروبيين تحاول التركيز على من الذي أثار الإرهاب والتطرف وقاده إلى أوروبا. ولتبرير ذلك فإن أبسط الأطروحات تلصق تهمة الإرهاب وتمويله بدول مجلس التعاون الخليجي.
أوروبياً صار يحلو لكثير من وسائل الإعلام تسمية الخليج العربي بخليجستان باعتبار لفظة «ستان» ترمز إلى أفغانستان الثمانينات عندما ظهرت فيها الأصولية والراديكالية الثيوقراطية آنذاك. وهذه الوسائل الإعلامية بدأت منذ اعتداءات باريس الإرهابية شن حملة منظمة هدفها ربط مصدر الإرهاب وتمويله بدول مجلس التعاون، حتى صار التركيز في ما يسمى بـ «الدعم الخليجي للأصولية السنية».
محاولة البحث عن مصادر الإرهاب وتلفيق التهم إلى العرب والخليجيين تحديداً لن يؤدي إلى معالجة المشكلة تماماً، بل سيزيدها تعقيداً، ففي الوقت الذي تحتاج فيه أوروبا لدول الخليج لمواجهة الإرهاب، فإنها بحملة إعلامية كهذه من الممكن أن تخسرها كما خسرت الولايات المتحدة دول الخليج وتعمقت بينهما أزمة الثقة بشكل لافت وتاريخي ومن الصعب معالجته في سنة أو سنتين، أو حتى بقمة أو قمتين.
من يحاول تكريس الصورة النمطية بربط الإرهاب بدول الخليج فإن محاولاته فاشلة، ولكن الأهم من ذلك ضرورة معرفة أهداف هذه الحملة، وهي أهداف متوسطة وطويلة المدى تتعلق بشيطنة دول مجلس التعاون حتى يمكن استهدافها مستقبلاً.
وقد يكون السيناريو الأقرب لمثل هذه الحملة ما حدث للعراق عندما تمت شيطنة نظام البعث السابق، ووجهت له جملة من الاتهامات أبرزها امتلاك أسلحة الدمار الشامل والتي لم تثبت إلى الآن، وكانت نتيجتها احتلال العراق إيرانياً، وفوضى دامت 12 عاماً ولا يتوقع لها أن تتوقف خلال الـ 12 عاماً المقبلة.
من المهم أن تنتبه دول الخليج لتطورات الحملة التي تستهدفها منذ فترة، ويبدو أنها آخذة بالازدياد خلال الفترة المقبلة. فالسكوت ليس مقبولاً بعد الآن إذا تعلق الأمر بمستقبل دول مجلس التعاون التي باتت مستهدفة من أطراف إقليمية وأخرى دولية، ومن الواضح أنه مهما قامت دول المجلس لمكافحة الإرهاب فإن نتائجه لدى تلك الأطراف لا يتعدى الصفر لأن الأجندة موجودة مسبقاً لتحقيق أهداف معينة.
دول مجلس التعاون الخليجي ليست خليجستان، وإذا أرادت أوروبا القضاء على الإرهاب فلابد أن تدرك أن الطريق لإنهاء الإرهاب يجب أن يمر عبر التعاون مع دول الخليج العربي.