الرأي

خامنئي وبوتين وبينهما مصحف عثمان

في الصميم


خذها حكمة: من لا يقرأ التاريخ ليس له في المستقبل من إعراب، ويبقى أبد الدهر جاهلاً..
في حضرة المرشد العام لإيران، وقف قيصر روسيا «مزبهل إزبهلالاً مزمناً بشدة» وهو يقدم لكسرى الفرس إحدى أقدم النسخ المخطوطة باليد للمصحف الشريف، وهو مصحف الخليفة الإسلامي الراشد الثالث، عثمان بن عفان، ويحمل آثاراً من دمائه، جاهلاً «أبوعلي بوتين» -كما يحلو لبعض الإيرانيين ومواليهم تسميته- ألا علاقة لخامنئي أصلاً بعثمان كما لا علاقة له بالفاروق عمر والخليفة الأول أبي بكر الصديق!!
«للاستزادة راجع من فضلك كتاب الكافي»..
ببساطة، المغزى من هذه الزيارة أنها تنص على إنشاء تحالف بين إيران وروسيا لكسر الهيمنة الأمريكية، آتت ثمارها الأولى، عبر التدخل الروسي عسكرياً في سوريا، والتوافق العاطفي بين القوتين في تطهير بعض المناطق الرئيسة مذهبياً بقتل وترحيل المكون السني تحديداً، وهو ما يحصل الآن من تطهير وحرق لجبل التركمان في اللاذقية، والظاهر والله أعلم، أن الروس نسوا درس الأفغان، وباتوا في حاجة إلى درس ثانٍ على يد السوريين!!
هذه الثمرة الأولى، أما الثانية، تزويد طهران بنظام صواريخ «إس 300» المضادة للصواريخ والطائرات، وإعلان بوتين رفع الحظر المفروض على تصدير التكنولوجيا النووية لإيران، وتسليمها معدات تكنولوجية على ارتباط بالطاقة النووية ولاسيما لموقعي «فوردو» و»آراك» النوويين الإيرانيين عملاً بالاتفاق النووي الموقع في يوليو الماضي بين إيران والدول الكبرى وبينها روسيا.
أما التفسير التآمري، فهو إرسال رسالة إلى العرب المسلمين مفادها أن مدخل روسيا إلى العالم الإسلامي سيمر عبر بوابة طهران «يا زين ما اخترت يا بوتين»، وبالتالي أصبحت دول الخليج على موعد مع فزاعة جديدة، بديلة عن الفزاعة الأمريكية المهرتلة والبالية.
للأسف أخطأ الإيرانيون كثيراً باستخدامهم المذهب في تخليص صراعهم وتنفيس أحقادهم ضد السنة العرب، متناسين أنهم طائفة في قبالة أمة، وأخطأ «أبوعلي بوتين» -كالعادة- حين فضل طائفة على أمة، وسيثبت التاريخ الذي جهل بوتين فهمه وأخذ العظة منه، أن تعاظم حجم موسكو الأقوى على الأرض في سوريا، لن يصنع لها التفوق أو ينقذ رقبة حليفها بشار، ولو كان كذلك، لنجح الاتحاد السوفيتي بعظمته وقوته والتي تفوق قوة روسيا عشرات المرات، في إنقاذ رقبة الرئيس الأفغاني السابق «حفظ الله أمين»!!
هذه ليست نبوءة بل يقيناً بالله، وأحمد الله أن يقيني بالله دائماً ما يصدق وهو من وقاني -في أحلك الظروف- اليأس وعصمني من الإحباط.
أما أنتم إيها الواهمون سابقاً ولاحقاً، جديداً وتليداً، والمغرر بهم طائفياً، من يتخيل «أبوعلي بوتين» والذي يداعب أسداً منزوع الأنياب والمخالب، في صورة «سوبر هيرو» أو الرجل الوطواط «باتمان» الذي تنهار أمامه أعتى القوى، فهو مخطئ، ولو كان هذا التفسير صحيحاً لرد على الرئيس أردوغان صفعة إسقاط الطائرة «سوخوي».
صحيح، لماذا لم ينتقم «أبوعلي بوتين» لحادث إسقاط الأتراك لطائرته؟
ليس لأن تركيا عضو في «الناتو» وتعد باباً أمامياً لأوروبا على مشارف منطقة الشرق الأوسط وتحت حماية حلفائها الأوروبيين والولايات المتحدة، فحسب، بل خوف بوتين نفسه من انقلاب المشهد السوري رأساً على عقب، وبالتالي التهور في مثل هذه الحالات سيجعل من الموقف في الشرق الأوسط أكثر تعقيداً وسخونة، وقد يصل بالعالم إلى حافة الهاوية، خصوصاً وأن روسيا تشهد علاقات باردة مع أمريكا وأوروبا بسبب أزمة أوكرانيا.
كفانا الله وإياكم عجز الجبناء..