الرأي

مسرحية الشرق الأوسط.. إمارة داعش الأوروبية

نظــــــرات



«داعش» اللغز المجهول عالمياً، المعروف أمريكياً وأوروبياً اختلف كثيراً عن غيره من التنظيمات الراديكالية المتطرفة كالقاعدة و»حزب الله» الإرهابيين واعتمد على انتشار جغرافي بمعنى تكوين خلايا نشطة وليست دائمة في عدد من البلدان التي تشهد اضطرابات أو التي تسمى بالدول الفاشلة.
مقر «داعش» الرئيس في العراق وسوريا، ولديه خلايا نشطة في تركيا، وليبيا، ومصر، وعدد من الدول الأفريقية. ولا يبدو أن شعار التنظيم «باقية وتتمدد» سيتوقف فعلاً، وهو ما شكل موجة هجرة واسعة النطاق إلى أوروبا.
القارة العجوز تحاول اليوم تشديد الرقابة على حدودها الشرقية والجنوبية من أجل وقف تدفق المهاجرين، ولكن ماذا إذا ظهرت خلايا لـ»داعش» في أوروبا -رغم أنها موجودة- وحاولت السيطرة على عدد من الأقاليم، قد تكون في أوروبا الشرقية التي مازالت دولاً ضعيفة؟
هل ستقدم أوروبا أو الاتحاد الأوروبي أو حتى حلف شمال الأطلسي على توجيه ضربات عسكرية من أجل اجتثاث هذه الخلايا ومنع محاولات السيطرة على أجزاء من الأراضي الأوروبية؟ أم ستترك حتى تتمدد وقد تطال باريس أو برلين وحتى لندن؟
هذه الأسئلة تتطلب حسماً واضحاً من أوروبا، فإشكالية ولادة «داعش» غربياً كانت مغامرة خطرة لن تتوقف قريباً لأنها غير محسوبة العواقب تماماً. والسياسة الخارجية التابعة لأمريكا لن تأتي بنتائج فاعلة أبداً، بل ستزيد الوضع تعقيداً.
لن تنتهي «داعش» في أوروبا كما قد يعتقد القادة الأوروبيون، بل ستستمر مادام فكرها قائماً، ومادامت أيديولوجيتها قيد الانتشار، والأهم من ذلك مادامت جذروها في الشرق الأوسط قائمة. وبالتالي فإن الحكومات الأوروبية لن تتمكن سوى من إسكات أصوات التطرف في القارة العجوز لفترة ثم ستعود بعد حين، وإن استغرق ذلك سنوات طويلة.
قناعة أوروبا بعدم مواجهة «داعش»، ومخاوفها لاعتبارات التبعية مع السياسة الأمريكية أو خوفاً من الدب الروسي سيعزز تواجد «داعش» إن لم يكن تنظيمياً فإنه سيكون أيديولوجياً على الأقل.
المواجهة الأوروبية لتنظيم «داعش»، والتطرف الثيوقراطي أياً كان مصدره يجب أن يبدأ من الشرق الأوسط، وفكرة الابتعاد عن بؤر الأزمات والفوضى في المنطقة لن تجدي، بل ستزداد فرص الفوضى على الحدود الأوروبية، وبدء موجة عودة ما يمكن تسميتهم بـ»المجاهدين الأوروبيين» إلى بلدانهم في أوروبا، وهو ما تم وما يمكن أن يتم خلال الشهور المقبلة. أما الخجل الأوروبي والسعي لمواجهة التطرف في تلك المجتمعات فسيزيد من فرص تأسيس «الدولة الإسلامية في أوروبا».