الرأي

نعمة «سوخوي 24»

نبضات



ماذا بعد أن أسقطت أنقرة القاذفة الجوية الروسية «سوخوي 24»؟ وأعلنت موسكو عن غضبها بتصريحات رسمية شديدة اللهجة وصعدت الخلاف بين الطرفين؟ ماذا بعد أن تعكر صفو العلاقات البينية وأصبحت المصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية «على كف عفريت» لاسيما في الجانب التركي؟!
صحيح أن العلاقات الروسية-التركية لطالما كانت متوترة في سنوات طوال، وهناك عدد من الملفات الخلافية بين الطرفين لعل أبرزها الجماعات الانفصالية، والدعم الروسي لليونان، وحرب الشيشان والبوسنة، إلا أنها شهدت ازدهاراً وتطوراً لافتاً في السنوات الأخيرة، وخصوصاً في النشاط التجاري، والتعاون العسكري -لاسيما في مسألة الحرب على تنظيم الدولة «داعش» بمعية باريس- فهل يمكن الإعلان عن مقاطعة روسيا التجارية لتركيا بتلك البساطة؟!
برأيي المتواضع، فإن المصالح التركية الروسية أكبر من أن يعكر صفوها إسقاط «سوخوي 24»، التي يدين فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنقرة، فيما يطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بلقاء مع الأول لنفيه تعمد إسقاطها، قرار المقاطعة الاقتصادية لتركيا تم اتخاذه في وقت سابق من قبل روسيا، وسرعان ما نفي الخبر، جاء ذلك عقب تأكيد موسكو على أهمية أن يطال أنقرة رد مناسب، فيما كان قطع العلاقات الدبلوماسية خارج قائمة الردود المحتملة. في قراءتي للمستجدات الراهنة، أجد أن ما يشهده البلدان لن يعدو على توتر طفيف سينقضي في وقت قريب جداً، ولكن ردوداً اقتصادية قد تشكل التهديد الأكبر لتركيا في المرحلة الراهنة، لاسيما عقب تصريح رئيس اتحاد الصناعيين ورجال الأعمال الروس «ألكسندر شوخين» حول المقاطعة التجارية التي ستشكل ضربة مخيفة لتركيا. فهل سيخرج «مارد الفزعة» لدى المسلمين فيهبوا لنجدة تركيا؟! هل هناك ثمة فرص لاصطفاف إسلامي خلف تركيا بعد سقوط «سوخوي 24»، وظهور حملة لشراء المنتجات التركية رداً على مقاطعة روسيا الاقتصادية.
* اختلاج النبض:
كثير من الأزمات التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط، والأخطار المحتملة التي تهددها، حلولها كامنة في قليل من التلاحم.. لعل قضية «سوخوي 24» نعمة حلت على المسلمين من حيث لا يحتسبون، لاستعادة التكاتف والتعاون المشترك اللذين غابا عن الساحة السياسية والاقتصادية الإسلامية لسنوات طوال، لعلها تفتح المجال لتعاون عسكري إسلامي قادم كذلك.