الرأي

«الفئة الخامسة» حلم يتحقق

مــــــــــداد


أخيراً وبعد أن عجزت المرأة المتضررة لسنوات طويلة من توضيح شكواها المتمثلة في عدم انتفاعها من الخدمات الإسكانية، وبعد أن عجزت وجف حلقها من شرح معاناتها، مراراً وتكراراً، عن حاجتها لضمان حقها في السكن وسط معايير قديمة لم تضمن للمرأة الانتفاع الكامل من الخدمات الإسكانية -على الصعيدين الأهلي والرسمي-، هي ذاتها التي لطالما عبرت عن حاجتها لتلمس مشكلتها في السكن، وطالبت بالتعامل مع ملفها بشكل مستقل بعيداً عن ظل الرجل أو سلطته أو وصايته.
اليوم، يأتي المجلس الأعلى للمرأة ليكون خير سند وخير مدافع عن حق المرأة.. نعم إنها «الفئة الخامسة».. فئة لطالما استحقت أن ينظر لها بعين الاعتبار، فئة ذاقت المر، وتجرعت الألم، وتعبت من كثرة الطلب والمراجعة وهي تنتظر من يؤمن لها حقها في أحد أهم مقومات الحياة الكريمة ألا وهو تأمين «السكن».
لماذا الفئة الخامسة؟
لأنها ضحية المجتمع، ضحية ظروف قاسية أرادت للمرأة أن تكون في دائرة العوز والحاجة، تتجرع وجع الوحدة، لتشعر أنها بلا قيمة، فلا حياة كريمة في ظل أهلها ولا تفهم مجتمعي لحاجتها، فالنساء في هذه الفئة لسن سوى ضحايا لعدم وجود سقف يظللهن ولا رجل يسندهن.
تقاس التنمية المجتمعية بقياس الاهتمام بفئات المجتمع الخاصة، وفئة النساء التي نتحدث عنها هنا واحدة من الفئات التي هي بحاجة ماسة إلى قوانين منصفة، وآلية واضحة تضمن لهن كرامتهن وحقهن في السكن، هي ببساطة مسؤولية مجتمع يراد له الاعتناء بفئاته الخاصة وعدم غض الطرف عنها.
إذاً «الفئة الخامسة»، إنجاز كبير يجسد الاهتمام الذي يوليه صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى للمرأة البحرينية، وهو شاهد على العناية بها. فما اعتمد أخيراً من إضافة «الفئة الخامسة» إلى قائمة المستفيدين من الخدمات الإسكانية ليس سوى تثبيت لحق المرأة في السكن في بلدها وأرضها.
الآن.. من وراء هذا الإنجاز؟ ومن الذي يعمل من أجل توسيع القاعدة التشريعية المعنية بالمرأة وتطويرها؟ من الذي يتقدم بإنجازات نوعية لصالح المرأة؟ ومن الذي نهض بواقع المرأة على مستوى التشريع؟
فالمتتبع لوضع المرأة قبل عشر سنوات يدرك أنها كانت «مهضومة الحقوق» وأصبحت «تكتسبها» يوماً بعد يوم.
تحية تقدير للمجلس الأعلى للمرأة الذي يسير بخطوات ثابتة من أجل حفظ كرامة المرأة وصون حقوقها، تحت قيادة السيدة الأولى صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد، وتحية لوزير الإسكان باسم بن يعقوب الحمر الذي سعى مسانداً لتحقيق هذا الإنجاز على أرض الواقع.
إن إقرار هذا الحق يكفل مساواة المرأة بالرجل في الانتفاع بوحدة إسكانية، ويحفظ حق المرأة المطلقة والمهجورة والأرملة غير الحاضنة والعزباء، واللاتي لم يكن في «حسبة» الانتفاع سابقاً، ولم ينظر لهن على أنهن فئات بحاجة إلى ضمان حقهن بتأمين مكان سكن يحفظ لهن كرامتهم، ليحول هذا القرار مفهوم الحاجة وغياب الإحساس بالأمان عند هذه الفئة إلى عزة ورفعة.
آخر القول.. تأتي الإنجازات عظيمة، وتتحقق على أرض الواقع مكاسب تعكس الوجه الجميل للبحرين، فلا تأتوا «كسلطة تنفيذية» عند التطبيق لتضعوا «العراقيل» تحت مسمى «ضوابط»، وتقللوا عدد المستفيدات بحجة «معايير الاستحقاق»، عندها ستشوهون الإنجاز وهو لايزال حديث الولادة.