الرأي

أنت هو كل ما تفعل

بنــــــــــادر


رغم أننا نعيش هذه الحياة بكل ما فيها من أفراح وأتراح ومصابين ونشرات وأعياد؛ إلا أننا لا نتعلم من التجارب التي نخوضها ولا نعرف كيف نعيش الحياة بصورة جيدة، بكلمة أوضح أننا لا نتقن فن الحياة ولا فن التمتع بها في الفترة التي نتحرك فيها من الولادة إلى الموت.
الحياة قبل أن نكون فيها أحياء نتنفس ونأكل ونشرب وننام ونتزاوج ونعمل في وظيفة ما، هي إحدى النعم الإلهية التي أنعمنا بها الله سبحانه وتعالى لينزلنا كأرواح تحمل شكل أثير لطيف في هذه الأرض أو الدنيا ونسكن في شكل كثيف هي الأجساد.
وقد أكد الخبراء والباحثون وعلماء النفس وخبراء التنمية الذاتية، ومن قبلهم الأنبياء والرسل والكهنة والفلاسفة، على أن كل ما نفعله هو نتاج طبيعي لأعمالنا.
وهناك حكاية لطيفة ظريفة تحاول أن تخبرنا كيفية التعاطي مع نتائج أفعالنا التي قمنا أو نقوم بها في حياتنا اليومية، تقول الحكاية..
في يوم من الأيام استدعى الملك وزراءه الثلاثة، وطلب منهم أمراً غريباً، طلب من كل وزير أن يأخذ كيساً ويذهب إلى بستان القصر وأن يملأ هذا الكيس للملك من مختلف طيبات الثمار والزروع، كما طلب منهم ألا يستعينوا بأحد في هذه المهمة، وأن لا يسندوها إلى أحد آخر.
استغرب الوزراء من طلب الملك، وأخذ كل واحد منهم كيسة وانطلق إلى البستان، فأما الوزير الأول فقد حرص على أن يرضي الملك فجمع من كل الثمرات من أفضل وأجود المحصول، وكان يتخير الطيب والجيد من الثمار حتى ملأ كيسه.
أما الوزير الثاني فقد كان مقتنعاً بأن الملك لا يريد الثمار ولا يحتاجها لنفسه، وأنه لن يتفحص الثمار، فقام بجمع الثمار بكسل وإهمال، فلم يتحر الطيب من الفاسد حتى ملأ الكيس بالثمار كيفما اتفق.
أما الوزير الثالث فلم يعتقد أن الملك سوف يهتم بمحتوى الكيس أصلاً، فملأ الكيس بالحشائش والأعشاب وأوراق الأشجار.
في اليوم التالي أمر الملك أن يؤتى بالوزراء الثلاثة مع الأكياس التي جمعوها، فلما اجتمع الوزراء بالملك أمر الملك الجنود بأن يأخذوا الوزراء الثلاثة ويسجنوهم على حدة، وكل واحد منهم مع الكيس الذي معه لمدة ثلاثة أشهر في سجن بعيد لا يصل إليهم فيه أحد كان، وأن يمنع عنهم الأكل والشرب.
فأما الوزير الأول فظل يأكل من طيبات الثمار التي جمعها حتى انقضت الأشهر الثلاثة، وأما الوزير الثاني فقد عاش الشهور الثلاثة في ضيق وقلة حيلة معتمداً على ما صلح فقط من الثمار التي جمعها، أما الوزير الثالث فقد مات جوعاً قبل أن ينقضي الشهر الأول.
ينتهي ناقل القصة بالقول؛ هكذا اسأل نفسك من أي نوع أنت.. فأنت الآن في بستان الدنيا لك حرية أن تجمع من الأعمال الطيبة أو الأعمال الخبيثة، ولكن غداً عندما يأمر ملك الملوك أن تسجن في قبرك، في ذلك السجن الضيق المظلم لوحدك، ماذا تعتقد سوف ينفعك غير طيبات الأعمال التي جمعتها في حياتك الدنيا، لنقف الآن مع أنفسنا ونقرر ماذا سنفعل غداً في سجننا.
هذه القصة اللطيفة الظريفة تعبر خير تعبير على أن حياتنا ما هي إلا نتاج أفكارنا وأحلامنا وطموحاتنا وتصرفاتنا، ما نزرعه نحصده؛ فإن زرعنا الخير حصدنا الخير وإن زرعنا الشر سنحصد الشر، علينا أن نختار الطريق الذي نريد أن نمشي فيه والزرع الذي نحلم أن نجنيه في الدنيا والآخرة.