الرأي

سؤال المليون من «لغم» البحرين؟

كلمــة أخيــرة




لنتخيل فقط عدد الأرواح التي أنقذتها وزارة الداخلية باكتشافها للكميات الضخمة من المتفجرات لنقدرأهمية هذا الكشف الآخر والذي لن يكون الأخير بدليل الانفجار الذي أعقبها يوم الجمعة.
في يوم واحد وفي توقيت واحد وبسرية تامة تنتشرالقوات الأمنية فجراً على طول البلاد وعرضها في خمسة مواقع تداهمها بذات الوقت حتى لا ينتشر الخبر وتفقد القوات الأمنية عنصر المفاجأة لم تكن تلك عملية سهلة أبداً خاصة أن أعداد الضالعين فيها قارب الخمسين شخصاً موظفين وعمالاً، فألف شكر لرجال الداخلية الذين أنقذوا آلاف الأرواح البشرية.
البحرين تواجه أزمة تعدت مفهوم الأزمة السياسية كما يضلل عن سبق إصرار وترصد الجناح السياسي والإعلامي الحقيقة. الأعداد الكبيرة من الضالعين بالأعمال الإرهابية هي أعداد «فوج عسكري» منذ 1995 إلى اليوم، «فالسرايا» وهي أصغر التشكيلات تتألف من 300 فرد إلى 1000 فرد، وهذا ما يفسر معنى البيانات التي تلحق بالتفجيرات التي تتم في البحرين ويتبناها ما يسمى «بسرايا الأشتر» أو»سرايا القدس» أوسرايا .. أو ..، وكم سرية أعلنت عن نفسها، أما الكتيبة فتتألف من عدد من السرايا يصل عددها من 2 إلى 6 سرايا والفوج هو كتيبتان، وبحسبة بسيطة نرى أن دولة البحرين تعاملت مع أعداد من «الإرهابيين» منذ عام 1995 إلى آخر خلية تم القبض عليها وعددها يقارب الخمسين يصل إلى حجمها إلى حجم فوج عسكري!!
أما كميات الأسلحة والمتفجرات التي تمت مصادرتها منذ الأزمة إلى اليوم فهي تبلغ الأطنان ونوعية بعضها لا يمكن أن تتداول في الأسواق بل هي ذات طبيعة خاصة يتم تتبع عملية بيعها دولياً واستخداماتها محدودة لأنهاعادة ما تكون في حوزة القوات المسلحة والجهات المرخصة فقط وتحتاج إلى تدريبات خاصة أيضاً لاستخدامها وقياساً بالمضبوطات منذ بداية الأزمة إلى الآن نحن أمام ذخائر عسكرية تم تلغيم البحرين بها باختصار قياساً بحجم بالذخائر والأسلحة وقياساً بأعداد الأفراد البحرين تواجه جيشاً بكامل معداته وأفراده وأي تقليل لهذه الحقيقة أوإنكارها هو تواطؤ معها.
في دولة أخرى تواجه تحدياً بهذا الحجم حيث جند الآلاف من أبنائها تحت نظرها وبصرها وتم تلغيم أرضها بهذا الكم من المتفجرات لابد أن تعلن النفير العام لمواجهة هذه الحرب، لا بحمل السلاح ومواجهة هذه الجماعات المسلحة فذلك دور الأجهزة الأمنية، ونحن دولة مؤسسات ودولة قانون، إنما النفيرالعام هو خضوع كافة مؤسسات الدولة الرسمية منها والأهلية للتحقيق العام، وليس التحقيق الجنائي فحسب بل التحقيق السياسي والاجتماعي. الجدل العام ضرورة حتمية الآن نظراً للتحديات الإقليمية والدولية وتكشير إيران عن أنيابها في أكثر من دولة عربية، لابد من فتح الملفات أين كانت الدولة بكامل مؤسساتها حين تم تلغيمها وتجنيد أبنائها؟ بل أين كانت حاضنتهم الطبيعية؟ ولم تصمت قراهم وبيوتهم ومؤسساتهم الدينية وصحافتهم ومثقفوهم وأكاديموهم؟ ومازالت تعتبر القبض عليهم والكشف عن المواقع كذباً ومسرحيات وادعاءات؟
لسنا هنا أمام مجموعة محتجين أومتظاهرين أو»خلية» إرهابية تم الكشف عنها، نحن أمام آلاف الشباب وأمام كميات سلاح ضخمة جداً وخطيرة جداً ونوعية جداً ما كانت لتتم لولا وجود حاضنة لهذا التلغيم والتجنيد والصمت جريمة تتواطأ فيها الحاضنة والدولة معها.
فلا يسمح لأحد بفتح الموضوع علناً إلا بقدر الكشف اليومي عن المواقع، ولا يناقش أحد علناً ما قبل وما بعد هذا الكشف بشكل موسع وعام، لأن سؤال المليون سيطرح لا محالة وهو لِمَ تغلق الدولة الملف الآن وتكتفي بمهمة الكشف عن المواقع؟ لِمَ التواطؤ في الامتناع عن المكاشفة العامة؟
نحن لسنا أمام أزمة هوية وأزمة طائفة وقبيلة ووومن إشكالات أزمة الهوية الوطنية، نحن أمام دولة تم فيها تجنيد كتيبة إن لم يكن فوجاً عسكرياً وتلغيمها بالمتفجرات، ذلك لم يحصل أبداً في أي دولة في العالم، نحن في البحرين ننفرد بقصة غريبة قصة دولة تتجاهل مع سبق الإصرار والترصد خطورة ما تتعرض له في بنيتها الداخلية تجاهل الإنكار المرضي، ومن يفتح فمه بالسؤال يتهم أنه «مؤزم» لابد أن يبعد عن المشهد.