الرأي

الزيارة الغالية

الزيارة الغالية


الزيارة الغالية، إنها زيارة الأمير خليفة بن سلمان الغالية تلبية لدعوة أخيه خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، تحمل بين طياتها مستقبلاً لامعاً تتحقق فيه نهضة مجددة للأمة بإذن الله، إنها الزيارة المباركة لتجديد ميثاق الأخوة تحت راية الاتحاد الخليجي، وإن كان بين بلدين أو ثلاثة فهو يبقى اتحاداً لن يحتاج بعد اليوم إلى دعوة إلى إعلانه، بل هو اتحاد عبرت عنه مواقف الدول الخليجية التي وقفت صفاً واحداً في وجه العدوان الإيراني الأول في البحرين، والثاني على اليمن، ولن يكون بعده ثالث إن شاء الله، لأنه قبر في مقبرة لا نشر فيها ولا بعث.
كما كشفت هذه الزيارة الغالية عن مكانة الأمير خليفة بن سلمان بين أشقائه في دول الخليج وشعوبها التي عبرت عن تقديرها لهذه الزيارة المباركة، لما يمثل شخص سموه من أهمية بالغة في اتخاذ القرارات المصيرية للأمة بالتشاور مع ملوك وحكام هذه الدول، بالطبع إنها مكانة صنعتها حكمة خليفة بن سلمان وتحتاجها الأمة العربية التي ضاعت بعض من دولها عندما «تماهل» حكامها في تقدير الخطر، وغفلت عن مؤامرات الخونة من أبنائها الذين يظهرون الولاء الزائف لتحقيق مصالح أعداء الأمة، مثلهم كمثل ابن العلقمي وزير المستعصم، حين قلل في عينه خطر العدو، فسرح أكبر عدد من جنوده لتخفيف الأعباء المالية على الميزانية العامة، حتى تدهورت حالة الجنود الاجتماعية والمالية مما اضطرهم إلى الاستخدام في حمل القاذورات، إنه مثال واحد فقط على خيانة ابن العلقمي غير الخيانات لشركائه الذين اتفقوا على الإطاحة بالخلافة العباسية واستبدالها بخلافة طائفة أخرى، هذا لن يحدث ولن يتكرر في بعض الدول الخليجية، التي بدأت فيها ملامح الصحوة ضد عملاء إيران في الداخل والخارج.
الأمير خليفة بن سلمان تصدت حكومته للمؤامرة الانقلابية في البحرين، وكما تكفل شخصياً بمهمة حفظ الأمن في جميع مناطق البحرين، حفظه دون أن يتجول على ظهر دبابة أو على متن طائرة حربية، بل كان يتجول بين الأحياء وفي الساحات يلملم الجراح ويطيب الخواطر ويطفئ الفتنة، ولولا حكمة سموه لكان الأمر مختلفاً في البحرين، وذلك بعد أن بلغت القلوب الحناجر، وفار التنور، فتوسط شخصه الزحام بين الناس ليطمئن القلوب ويهدئ من روعهم، فأطفأ جحيماً كادت أن تحرق البحرين باقتتال طائفي ليس له مثيل، وذلك بعد أن تحركت أذناب إيران لتتسبب بحرب طائفية تكون نتيجتها دخول قوات عسكرية أجنبية وإيرانية.
إن دعوة الزيارة هذه لها أبعاد سياسية ورسالة بليغة تعني أن البحرين ستظل بخير، وأنه لن يتحقق لإيران ما تريده في البحرين أو في السعودية، وذلك بعدما سعى أذناب البحرين في إيران، ومازالوا يسعون إلى الإطاحة بالحكم الخليفي، واستبدال حكومته بحكومة عميلة موالية لإيران، والتي كانوا يأملون بالتوصل إليها من خلال الحوارات التي جرت بين الدولة والانقلابيين.
لم تكن هذه الزيارة الغالية، زيارة عادية، بل زيارة قصيرة تحمل رسالة لأعداء الأمة الذين أحرقت أكبادهم حفاوة استقبال سموه من كبار قادة السعودية، مما يجعلهم يعيدون نظرهم مراراً في خططهم الخبيثة ضد البحرين وضد دول الخليج، وذلك حين يرون أمام أعينهم تلاحم قياداتها وشعوبها في جميع القضايا.
إنها الزيارة الغالية التي فسرت معنى الأشقاء، وجسدت معنى الأخوة، ووضعت القواعد التي تخرج بالأمة من الظلمات إلى النور، عندما تأخذ بمبدأ التشاور والوحدة واجتماع الكلمة، وهذا هو ما تطالب به الشعوب الخليجية حكامها، بألا تتخذ خطوات بدون التشاور، وألا تستقل دولة بقرارتها لحماية مصالحها، لأن حماية المصلحة لا تكون في الفرقة، لأنه مهما بلغت علاقة هذه الدول مع إيران من تقارب ومن مصالح متبادلة، لكنها تنتهي عندما يأتي دورها، حينها لن تشفع ملياراتها ولا علاقاتها السابقة الطيبة بأن تنجو من الخطر الإيراني.
فاطمئنوا يا شعب البحرين، إنكم اليوم بإذن الله في أمان، فأنتم اليوم وأشقاؤكم في السعودية تمثلون السد المنيع في وجه العدو الصفوي، فكنتم السد المنيع فأفشلتم مؤامرة انقلابية، ثم ها هو يتلاحم جيشكم مع جيوش «عاصفة الحزم» ليحول دون سقوط اليمن في يد إيران، وها هي زيارة مباركة لدعوة طيبة لتؤكد التلاحم بين البحرين والسعودية في مواجهة العدوان الداخلي من أذناب إيران، والخطر الخارجي الذي يتمثل في إيران وحلفائها الذين اليوم اجتمعوا على أرض سوريا، حتى يتحقق لهم النصر لتكون معركتهم القادمة في الخليج العربي، هذه المعركة لن يكتب لها النصر أبداً بإذن الله، وهذه العلامات اليوم قد بانت واتضحت للعالم بأجمعه في زيارة غالية رسمت مجد الأمة القادم.