الرأي

ما بعد رحيل الأسد

نبضات







نكاد نقترب من لحظة سقوط بشار الأسد من عرشه المهترئ المتواري في قصره بدمشق على جبل قاسيون، وعلى الرغم من الإجماع الدولي الفجائي على بقائه مؤخراً -من خلال مرحلة انتقالية- إلا أن الإجماع الغريب الذي تشترك فيه دول عدة، إنما هو مؤشر على أن ثمة طبخة سياسية يتم إعدادها لمستقبل سوريا وسيتم كشفها في وقت قريب.
نقف اليوم على مشاركة روسية سياسية وعسكرية فاعلة، غيرت كثيراً من موازين المعادلة والمسارات الظاهرة لبعض المواقف الدولية، لكن روسيا، على الرغم من كل هذا، لن تتمكن من أن ترزح بالأسد حاكماً مدى الحياة لسوريا، وربما حتى ليس لبضع سنوات قليلة قادمة. التدخل الروسي في سوريا يحمل دلالات ومؤشرات لا يمكن التغاضي عنها، لعل أهمها انهيار الأسد، ما دعا الطرف الإيراني إلى التوسل لروسيا بدخول معترك الحرب.
لا يخفى على أحد ما تتمتع به روسيا من قوة ومقدرات عسكرية، كما لا يخفى أيضاً أنها عصية على أن تغزوها أي قوة دولية، ولا حتى من الأمريكيين والأوروبيين مجتمعين، ولكنها فعلياً غير قادرة على أن تقوم ببطولات حقيقية على الأرض.
الروس سطروا عبر تاريخهم وحشية ودموية بشكل منقطع النظير، لكنهم قبالة ذلك لم يحققوا فوزاً ولا نصراً في أي حرب خاضوها، رغم دمويتهم وعنفهم إلا أنهم انهزموا في جل معاركهم، حربهم مع الشيشان، وأفغانستان، وجورجيا، كلها باءت بفشلها. ولكن إيران رغم ذلك توسلت لروسيا بدخول المعترك، والأسد استنجد بالروس، ليس بحثاً عن النصر المؤزر، ولكن للقضاء على المعارضة، إلى جانب إيجاد حل أو مخرج، وإن كان مؤقتاً من شأنه فك بعض عقد الأزمة المتصاعدة.
إن الوحشية التي جبلت عليها القوات الروسية لن تصب إلا في مزيد من التدفق بحنفية الدم السوري المفتوحة منذ أكثر من أربع سنوات تدور فيها الرحى، وهو ما يتكشف للمتابع عندما تتعامى روسيا عن أهداف ومواقع لتنظيم الدولة «داعش»، وتوجه ضرباتها المتتالية للمعارضة السورية بذريعة محاربة الإرهاب.
من المهم أن نقف اليوم على أن إيران لن تتنازل عن سوريا، وإن الاستدعاء للمشاركة الروسية إنما بمثابة طوق نجاة تلوذ به إيران ليس حفظاً للأسد، وإنما لضمان ولاء وانقياد من سيخلف الأسد لإيران، ولأن إيران من أكبر مروجي «زواج المتعة»، فإنها اختارت أن تتمتع جهاراً مع روسيا في خضم شهر عسلها مع الولايات المتحدة الأمريكية، لتحقيق مصلحة ما «غاية في نفسها».
* اختلاج النبض:
السؤال الذي يفرض نفسه في هذه المرحلة استعداداً لمرحلة مقبلة حاسمة، ماذا لو رحل الأسد إلى غير رجعة؟! ما عسى أن يكون الدور الخليجي في الإسهام بدعم البديل الأمثل عن الأسد كما حدث في وقت سابق مع مصر واستغلال اللحظة لكسب المعادلة؟!