الرأي

نزهوا الحسين عن بدعكم ولا تستغلوه في سياستكم

نزهوا الحسين عن بدعكم ولا تستغلوه في سياستكم








منذ أن استتب الأمر لنظام ولاية الفقيه في إيران، بعد أن فرض نفسه بالقوة، وأقصى الآخرين أو قضى عليهم بمختلف الطرق والوسائل والسبل، قام هذا النظام باستغلال الدين من أجل تحقيق أهدافه وغاياته، وحاول إظهار نفسه بالممثل الوحيد للإسلام، وحاول الإيحاء من خلال ذلك بأن الآخرين يمثلون إسلاماً غير صحيح، أو كما يصفه «الإسلام الأمريكي»، وبهذا فهو قد أسس ومنذ بداية مجيئه للاختلاف والانقسام وشق وحدة الكلمة والصف للأمة الإسلامية.
نظام ولاية الفقيه ومثلما سعى لاستغلال قضية القدس وشعيرة الحج، وتوظيفهما لأهداف وغايات سياسية، فإنه حاول بكل ما في وسعه من أجل استغلال قضية الإمام الحسين واستخدامها في سياق يخدم سياساته، بما يوحي أنهم لوحدهم من يمثلون الحسين ويعبرون ويتكلمون باسمه، والأهم والأخطر من ذلك أنهم ألبسوا قضية الحسين لباساً طائفياً ضيقاً، بحيث جعلوا منه أداة ووسيلة لتمزيق وتشتيت وتفتيت الأمة الإسلامية ودفعها للتناحر فيما بينها.
هذا النظام الذي استغل قضية الحسين إستغلالاً بشعاً يتنافى ويتناقض تماماً مع حقيقة وواقع أمرها، ركز خلال إحياء مراسم ذكرى عاشوراء على ممارسات هي بدع لا تمت للحسين بصلة، خصوصاً وأن علماء كبار من الشيعة نظير آية الله الدكـتور مرتضى مطهري قال: «إن التطبير والطبل عادات ومراسيم جاءتنا من ارثوذوكس القوقاز وسرت في مجتمعنا كالنار في الهشيم»، كـما أن آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله قد ذكـر «... كضرب الرأس بالسيف أو جرح الجسد أو حرقه حزناً على الإمام الحسين فإنه يحرم إيقاع النفس في أمثال ذلك الضرر حتى لو صار مألوفاً أو مغلفاً ببعض التقاليد الدينية التي لم يأمر بها الشرع ولم يرغب بها»، أما آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي فقال في رد على س?ال حول إدماء الرأس وما شاكـل «لم يرد نص بشرعيته فلا طريق إلى الحكم باستحبابه»، لكننا لو أمعنا النظر فيما يسعى وي?كد عليه نظام ولاية الفقيه فإنه يسعى باتجاه جعل تلك الممارسات تشكـل جانباً أساسياً من إحياء ذكـرى عاشوراء.
نظام ولاية الفقيه لم يقف فقط عند حد إلصاق البدع بقضية الحسين والسعي لجعلها كـأحد المسلمات، وإنما تجاوزها إلى استغلال اسم الحسين وتوظيفه لأغراض ومرامٍ سياسية بحتة بحيث إن البعض في هذا النظام يضع نفسه في مقام الحسين ويصف نفسه وخطه السياسي بأنه «حسيني»، وحتى أن الحروب التي يخوضها هذا النظام ومع أنها ظالمة وغير مبرئة للذمة، لكـنه مع ذلك يصفها بأنها «حروب حسينية»، وترفع فيها راية الحسين، والحسين من كل هذا براء، فليست الحروب التي أشعلها هذا النظام في سوريا والعراق واليمن هي «حروب حسينية» مطلقاً، وإنما هي حروب ظالمة لا تمت للإمام الحسين بأية صلة.
الحسين كان وسيبقى مدرسة للأخلاق والقيم والمثل العليا، وهو نبراس ومنار يدعو للوحدة والألفة وليس للكراهية والاختلاف والتناحر والحقد والبغضاء، وحري به?لاء الذين يريدون أن يحصروا الحسين في مساحة ضيقة كضيق أفقهم وتصوراتهم، أن يتعلموا ويتعظوا قليلاً أمام رجل مثل غاندي الذي قال: «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر»، ولذلك فإن الحسين ليس فقط حكراً على الشيعة أو السنة بل هو للإنسانية جمعاء، ومن هنا فإنه حري بنا أن نتعلم من الحسين ونتعظ منه، ومن واجبنا أن نرفع صوتنا ونخاطب مستغلي قضية الحسين أن «نزهوا الحسين عن بدعكم ولا تستغلوه في سياستكم».

* الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان