الرأي

مخطط الانقلابيين مع إعادة توجيه الدعم..!!

أبيــض وأســود






لا أعرف لماذا راجت أخبار بعينها خلال هذه الأيام تحديداً، فهل هذه الأخبار هي بمثابة الاستفزاز للناس، خاصة مع بداية إعادة توجيه الدعم؟
لا أدري، لكن من الواضح أن بعض الأخبار أصبحت تثير حفيظة الناس خاصة أنها تحمل أرقاماً مليونية، بينما الناس موعودون بأيام قاسية قادمة كما يخطط له، أو كما يقال إن الأيام الصعبة قادمة لا محالة.
نشر خبر يوم أمس يقول إن ميزانية مجلس النواب في العام الواحد قد تخطت الـ 10 ملايين دينار، وهو أمر لم يتقبله المواطن، فالمبلغ كبير قياساً بعام واحد فقط، بينما مجلس النواب حتى الساعة لم يحقق إنجازاً حقيقياً، ولم يحقق مكاسب حقيقية للناس، وتحديداً مكاسب معيشية.
ألا يفترض من مجلس النواب أن يضرب لنا مثلاً في ربط الأحزمة «أحزمة البطن وليس شيئاً آخر»، فيقوم المجلس الموقر بخفض المصروفات المليونية، ويوفر على أقل تقدير 2 مليون دينار سنوياً؟
إذا كان المجلس من الناس وإليهم، وهو مرتبط بهم، وبهمومهم ومعيشتهم، فإن كان كذلك فعلى المجلس أن يخفض إنفاقه ويكون هو مثلاً في ضغط الإنفاق والمصاريف؟
توقفت مع خبر ميزانية مجلس النواب في العام الواحد، ولو كان بيدي لأعطيتهم مليونين من العشرة، وأخذت الثمانية لدعم رواتب المتقاعدين الذين سيصبحون الحلقة الأضعف مع ثورة الأسعار بالبلاد من الآن وصاعداً.
أذهب إلى ما أنا بصدده اليوم، وهو ما يحدث على الساحة من تفاعل وتخطيط من قبل البعض من بعد قرار الحكومة الموقرة إعادة توجيه الدعم وقد بدا فعلاً تطبيق رفع الدعم عن اللحوم.
لمست وأنا أتابع التفاعلات على الساحة المحلية من خلال الاطلاع على ردود أفعال الناس ومن خلال سماع ما يقوله البعض في وسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال بعض الصحف، أن هناك من اتخذ إستراتيجية جديدة مع بداية توجيه الدعم، وهذه الإستراتيجية تقوم على الانسحاب من المشهد، والصمت، واتخاذ موقف مقاطعة اللحم كأبعد حد.
الذي يريده هؤلاء «وهم ممن وقفوا مع الانقلاب الأخير»، هو أن يتركوا الساحة حتى يقوم ويغضب وينفعل من تأثر كثيراً بإجراءات إعادة توجيه الدعم، وهذه السياسة ترمي إلى «ضرب هذا بذلك»، وجعل الذين وقفوا ضد الانقلاب يواجهون حكومتهم التي رفعت وسترفع الدعم.
لم يقف الأمر عند ذلك، رغم أن الانقلابيين متأثرون كثيراً من إعادة توجيه الدعم إلا أنهم آثروا الصمت بحسب الإستراتيجية وترك الساحة لمن ارتفعت أصواتهم، ليصبحوا في مواجهة القرارات الصادرة، ومواجهة قرارات حكومية.
يقال إن هناك أيضاً أيادي خارجية تترقب ما يحدث، وهي التي سحبت أسطولها في 2011 من البحرين، هذه الأيادي تريد من جانبها أن يتحقق أمر لم يكن متوفراً في عام الانقلاب، وهو خروج المجتمع البحريني بأسره، لكن إذا ما جاء الضغط على الناس من خلال معيشتهم، سوف يتوحدون جميعهم لأن الموضوع معيشي، والجميع يتأثر به، وبالطبع سينبري للمشهد من يريد أن يحول مطالب الناس المعيشية إلى ملف سياسي ومطالبات سياسية.
هذه الأيادي ترى أن في عام الانقلاب لم تكتمل الدائرة، وكانت وكان الطرف الأهم والأكبر والأقوى يقف ضد الانقلاب، من هنا فإننا من يحذر من الأيادي الخبيثة التي تزين للدولة مميزات رفع الدعم.
لذلك ينبغي الحذر من جميع الأطراف المعنية حيال ما يراد لأهل البحرين الوقوع فيه من باب أن الإجراءات الأخيرة أضرت بالناس، وأن هذا الضرر سبب حالة سخط أو غضب، وهذا الأمر حدث ويحدث اليوم، ونتمنى ممن يملك القرار أن يرى الصورة أبعد من «خانات جامدة» وأرقام جامدة، في الميزانية العامة.
نعم، نطالب بتحسين الوضع المعيشي للناس، ونقف مع الفئات الضعيفة التي ستتأثر كثيراً بالإجراءات التي تمت وستتم، وأولهم المتقاعدون وضعاف الحال، بل هناك من لا يمتلك راتباً تقاعدياً أصلاً، كل هؤلاء ستأتي عليهم إجراءات إعادة توجيه الدعم بكثير من الضغط الحياتي، والضغط يولد الانفجار..!
بالمقابل نحذر من مخططات الانقلابيين من جعل «هؤلاء يصطدمون بهؤلاء»، بينما يقفون هم ويتفرجون، ويسخرون، ويفرحون ويشمتون، وقد يتحقق لهم ما يريدون حين يحدث توحد للموقف بين فسطاطين ولو في الملف المعيشي وربما ينعكس ذلك على ملفات أخرى..!
هذه الرسالة نوجهها إلى من يعنيه الأمر، وكما أشرت في الأسبوع الماضي، الأمور لا تحسب فقط حساب الأرقام، وإنما هناك حسابات أخرى يراها ويدركها من يعرف حقيقة المجتمع البحريني، القرارات التي ترتبط بمعيشة الناس ليست قرارات عادية أبداً، من أجل ذلك يجب حسابها بدقة، وإن كان لا بد منها فينبغي دعم الفئات الضعيفة قبل تنفيذ القرارات، كما يجب توفير السلع الرئيسية لهم بأسعار معقولة مقبولة.