الرأي

كتاب في دقائق

بنــــــــــادر


كنا ونحن أطفال نتابع الأخبار من خلال صوت الإذاعة، ولم يكن الراديو متوفراً إلا في بعض البيوت، والمقاهي والدكاكين، وكنا نجلس في بداية الستينات، أمام الراديو في دكان يوسفووه العمي «يوسف قاسم محمود»، والذي كان في ذلك الوقت مقر فريق الناشئين، لالتقاط بعض الأخبار، التي لا يمكننا التأكد من صحتها.
الآن، وفي كل مكان، الحياة أصبحت تسير بوتيرة أسرع، الوقت الذي كنا نملكه ونحن صغار لم يعد كذلك، لا وجود للوقت لأن تجلس وتقرأ براحة، وأنت محاصر بكل أخبار العالم في تلفونك المحمول، المتابع للأخبار لم يعد يتابع الجريدة أو الإذاعة أو التلفزيون، فالأخبار تنتقل إليه بصورة أسرع من البرق، بالصوت والصورة، وفي مكان الحدث، كأنه هناك معهم يشاهد ويلتقط ما أمامه.
ولأن العقل المنفتح دائماً على الجديد، لابد له من الابتكار، للعمل على جعل القراءة شيئاً يومياً، فعبر الكتاب تتعرف على العديد من الأرواح التي تمدك بتجربتها الحياتية، فأن تقرأ ألف كتاب على سبيل المثال، فأنت ترافق ألف روح تمدك بالقوة في تجربتك الدنيوية.
من هنا فرحت كثيراً حين عرفت أن المكتبة الرقمية في دبي تترجم وتلخص أهم الكتب لتقرأها في دقائق، مهم جداً لمن يريد الثراء المعرفي، فقد قامت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بمبادرة «كتاب في دقائق»، وذلك للارتقاء بمستوى المجتمع فكرياً وأدبياً وعلمياً من خلال إصدار ملخصات لأهم المؤلفات العالمية التي تلقى رواجاً كبيراً وتجمع بين أصالة المحتوى والإخراج المشوق باللغة العربية، بحيث توفر للقراء خلاصة فكر الكتاب والمؤلفين في دقائق، حيث سيكون متاحاً أمام مختلف المهتمين بقراءة أحدث إصدارات الكتب والمؤلفات الأوسع انتشاراً على مستوى العالم الوصول إلى محتواها والاطلاع عليها في دقائق معدودة، بغض النظر عن عدد صفحات تلك الكتب من خلال مبادرة جديدة لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، التي ستختار شهرياً ثلاثة من تلك الكتب وفق مبادرة غير محددة ببرنامج زمني بعينه.
وقال العضو المنتدب لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، جمال بن حويرب إن «مشروع «كتاب في دقائق»، يمثل حلاً عملياً لمشكلة عصرية، وهي عدم وجود وقت كافٍ بالنسبة للكثيرين من أجل قراءة الكتب عموماً، والمطولات خصوصاً»، مضيفاً أن «المبادرة ستركز على كتب تتناول موضوعات تتعلق بالطاقة الإيجابية والتنمية البشرية وفنون التعامل مع الحياة، والقيادة والإشراف ونماذج ناجحة لمؤسسات وأفراد أسهموا في بناء المجتمعات، والأسرة والعائلة وسبل الحفاظ عليها كنواة فعالة في المجتمع الحديث وفنون مجابهة تحديات الحياة، وغير ذلك من المجالات ذات القيمة الإيجابية المباشرة على الفرد والمجتمع».
إن مثل هذا المشروع الثقافي المهم، والذي يصب في محاولة إيصال المعرفة إلى كل إنسان يهتم بالجانب المعرفي، لهو في تصوري من المشاريع المهمة التي نحتاجها في أيامنا التي نعيشها.
فأنت تستطيع أن تقرأ تلخيصاً لكتاب ما، في صنف من صنوف المعرفة، وفي المجال الذي تحب، في أي مكان، وأنت تنتظر دورك عند طبيب الأسنان، أو تنتظر حافلة تقلك من مكان إلى آخر، أو أنت في المطار تنتظر وصول وقت إقلاع طائرتك إلى الجهة التي تريد، تستطيع أن تقرأ كتاباً أو أكثر.
الأعذار القديمة للحصول على المعرفة انتهت إلى غير رجعة، في عدم توفر الكتاب، أو أن هذا الكتاب طويل أو غير متوفر في المكتبات. كل شيء أصبح الآن بين يديك، التعب منك وليس من الظروف، ملخصات الكتب في تلفونك المحمول، والتلفون الآن يرافقك كالهواء الذي تتنفس، اقرأ الآن، اقرأ، كي تعرف، كي تقودك إلى الخير كل الأرواح التي عاشت قبلك، أو تعيش معك الآن، أنت لست وحدك، أرواح العالم معك، اقرأ.