الرأي

قصة نجاح بحرينية.. جديدة!

اتجــاهـــات







جميل جداً أن تكون جزءاً من قصة نجاح، أو شاهداً عليها. والأجمل أن تكون هذه القصة معنية ببلدك الذي تعتز به انتماءً وولاءً وتذود عنه وتبذل الغالي والنفيس لأجل إعلاء اسمه.
البحرين كبلد تميز في منطقته الجغرافية ببدايات التعليم المبكرة، وبتقديره للعلم، مازالت فيه جهود مضنية تبذل لأجل ترسيخ الثقافة وتعزيز العلم وتعظيم المعرفة.
وكعادتنا كبحرينيين، لا نكتفي بأن تكون الفائدة والاستفادة مقصورة علينا في جوانب المعرفة والعلم، بل من خلال ممارساتنا، يتضح أننا نؤمن بضرورة نقل المعرفة، وبضرورة إنشاء كيانات تمثل «مشاعل» و»بؤراً» علمية نستفيد منها ونفيد من خلالها الآخرين.
البحرين كانت لها تجربة رائدة في مجال التعليم، ومضت لتكون لديها تجربة متقدمة في مجال التدريب بمختلف أنواعه، واليوم بات التدريب ركيزة أساسية في بناء طاقات وكوادر المستقبل، بل مكوناً رئيساً في بناء القطاعات وإشاعة ثقافة التطوير والتغيير فيها.
معهد البحرين للإدارة العامة «بيبا» يمثل ترجمة فعلية لهذا التوجه، وساهم منذ إنشائه في إسناد رؤية الدولة في خلق كوادر بمختلف مستوياتها القيادية وتدريبها وتطويرها، وهو يواصل تقديم خلاصة نتاج عملياته للدولة عبر أفراد كثيرين، لو «أحسنت» الدولة توظيفهم، ووضعهم في «المكان المناسب» لحققت البحرين مكاسب كبيرة لأنها ستطبق فعلياً معادلة «الرجل المناسب في المكان المناسب» بالإضافة إلى أن هذه الطاقات «المناسبة» خضعت لدورات وبرامج أضافت لهم الكثير.
تجربة المعهد التدريبية كان لها نصيب كبير في نقاشات وعروض علمية شهدها يوم أمس مؤتمر شبكة بحوث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «المينابار»، وهو المؤتمر الثاني للمنظمة التي تبنتها البحرين باعتبارها فكرة بحرينية، بل وأسستها وأنشأتها من خلال معهد الإدارة العامة حينما عقد المؤتمر الأول في أبريل من عام 2014 وسط مشاركة عربية وحتى عالمية مميزة، وحظي بدعم واهتمام قادة البلاد وإسناد من الحكومة الموقرة.
قصر المؤتمرات في تونس يشهد هذه الأيام تجسيداً حقيقياً لحلم بحريني علمي جميل، يشهد بلورة لفكرة بحرينية أطلقتها «بيبا» العام الماضي، وها هي شعلتها تنتقل اليوم لتحتضنها دولة عربية أخرى لكن بمساعدة البحرين وبخبرتها وبكوادرها المبدعة.
حكومة البحرين ممثلة بوزير شؤون مجلس الوزراء الأستاذ محمد المطوع أكدت في كلمة افتتاح المؤتمر يوم أمس، أن مملكتنا تفخر بهذا الإنجاز العلمي في مجال دعم البحوث حينما ترى المنظمة التي انطلقت من أرضنا وبأفكار من عقول بحرينية تشهد اهتماماً عربياً وعالمياً لافتاً، بل تسجل إيماناً راسخاً بدورها وأهميتها في مجالات التنمية والتطوير والبناء.
لا أبالغ حين أقول إن العاصمة التونسية تشهد الأيام الحالية إنجازاً بحرينياً عظيم الأثر، ومكسباً آخر من مكاسب المشروع الإصلاحي لملكنا حمد بن عيسى حفظه الله والمعني بالإصلاح والانفتاح والتطوير. البحرين أرسلت رسالة واتفق عليها الجميع، بأن البحث العلمي مهم جداً، بل هو أساس أي عملية تغيير أو صنع قرار أو اتخاذه أو تغيير ثقافة أو بدء تحد باتجاه التطوير.
بدون بحث علمي رصين، بدون الإلمام بكافة الجوانب ومعرفة الأمور وجمع المعلومات ورصد جوانب القصور وتحديد فرص النجاح، بدون بدء أي عملية بالبحث لا يمكن بعدها التخطيط بشكل مدروس، لا يمكن بالتالي التنفيذ بشكل صحيح، وعليه لا يمكن لنا أن نغير ونصلح ونطور.
البحرين قدمت للعالم العربي منظمة «المينابار» البحثية، البحرين تقود ثورة في مجال البحوث العلمية من خلال معهد الإدارة العامة.
يبقى على الدول وعلى الحكومات الإسهام بقوة والتفاعل بشكل أقوى مع مثل هذه المبادرات، والأهم مع البحوث ونتائجها وتوصياتها، إذ الأنظمة ليس مقبولاً منها البقاء بمعزل عن النتاج الفكري للشعوب، عن الإضافات العلمية التي تقدمها عقول بأسلوب البحث العلمي الهادف للبناء والتطوير.
فكروا فيها ببساطة شديدة، في كل أمر مهما صغرت أهميته في حياتنا، هناك عملية بحث، هناك عملية تقصٍّ، هناك عملية جمع معلومات، وهناك سعي للإلمام بالأمور بهدف الوصول لنتائج تحقق الرضا العام وتوصل للغايات والأهداف.
البحوث أساس التغيير، والتفاعل معها يمثل النية الصادقة للتغيير.