الرأي

المسؤولون الإيرانيون وخيالهم الواسع

قطرة وقت








تصريحات مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان التي دعا فيها دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إرسال الغذاء والدواء إلى اليمن بدلاً من السلاح، رد عليها وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الدكتور أنور قرقاش بقوة، حيث أكد أن الإمارات ودول مجلس التعاون لم تتأخر عن إرسال الغذاء والدواء وأن إيران هي المطالبة بوقف تصدير السلاح والفوضى وعدم الاستقرار وهي المطالبة بالتوقف عن التدخل في شؤون العرب، ودعا إيران إلى مقارنة «ملفنا وملفها».
اليوم تعاني مختلف دول المنطقة من تصرفات إيران الفاقدة للحكمة والكاشفة لنواياها، كما تعاني أربع من دول مجلس التعاون بشكل مباشر وواضح من محاولات إيران زعزعة الاستقرار فيها، ومع هذا يردد المسؤولون الإيرانيون باستمرار مقولة إن إيران «تتعاطى بإيجابية» مع دول المنطقة، «إذا كان هذا هو تعاطيها الإيجابي فكيف بالسلبي؟!».
العالم كله يعرف ما سعت إليه إيران في البحرين، ويعرف دورها في تحريك مجموعات لا حول لها ولا قوة أرادتهم أن يكونوا أكباش فداء، والعالم يعرف ما تحاوله وما تسعى إليه في الشقيقة الكبرى، وفي الكويت التي حولتها إلى مخزن أسلحة، والآن الإمارات، والله العالم بالذي تخطط له لمختلف دول المنطقة وما تفعله سراً. لم يعد الأمر خافياً على أحد، فالواضح أن هناك مخططاً مدروساً بشكل جيد اعتمد منذ زمن وتسعى إيران إلى تنفيذه خطوة خطوة، وما دعمها للحوثيين في اليمن، وتدخلها بهذا الشكل الفج في هذا البلد العربي الأصيل إلا دليل على هذا الأمر، وإلا ما علاقة إيران باليمن؟! «كوجا مرحباً يعني؟!».
لكن هذه التصريحات الفجة والمؤذية التي يدلي بها المسؤولون الإيرانيون بين الحين والحين لها أيضاً إيجابياتها، فهي إضافة إلى أنها تكشف نوايا إيران وخططها، وتؤكد عزمها المضي في اتجاه استعادة الإمبراطورية الفارسية والسيطرة على المنطقة، تظهر للعالم أيضاً مستوى تفكير الملالي الذين وجدوا أنفسهم فجأة في بحر السياسة، فتاهوا فيه وقرروا أن يجدفوا عكس التيار، وإن كلف ذلك المنطقة ما كلفها.
حتى فترة قريبة كانت معظم تصريحات المسؤولين الإيرانيين عن البحرين، لكنهم اليوم أضافوا إلى القائمة دولاً خليجية أخرى، وهم لحظة أن يشعروا أنهم صاروا في زاوية ضيقة ولم يعد لديهم ما يثبت براءتهم أخرجوا ذلك التصريح المضحك وملخصه أن على الدول التي تتهم إيران أن تحل مشكلاتها الداخلية ولا ترميها علينا! هكذا ببساطة، فهي تريد أن توهم العالم بأن الاتهامات التي توجه إليها من دول الخليج العربي بشكل خاص هدفها شغل شعوبها بها وشغل العالم عما يجري فيها وما تقوم به من عمل ضد شعوبها!
المثير أن إيران لا تستطيع أن تثبت هذا الكلام بينما تستطيع الدول الخليجية المتضررة منها أن تثبت تورطها في ممارسات لا تليق بالجيرة وتعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية، فالأسلحة التي تم اكتشافها في البحرين والكويت ومحاولات زعزعة الاستقرار في مختلف دول التعاون ودول المنطقة بشكل عام وما تقوم به حالياً في اليمن ليست ادعاءات ولكنها وقائع تتوفر معها الكثير من الأدلة، ومثل هذه الأمور لا يمكن لإيران أن تنفيها بالتصريحات أو بمهاجمة الآخرين بتصريحات مضادة كالتي دعا فيها عبداللهيان إلى التوقف عن إرسال الأسلحة إلى اليمن وإرسال الغذاء والدواء بدلاً عن ذلك.
لكن إيران يمكنها أن تمنع الآخرين من توجيه الاتهامات لها بطريقة بسيطة، هي توقفها عن التدخل في شؤون العرب، فهذا يمنع عنها تلك الاتهامات ويحميها من التورط في أمور لا تليق بها كدولة يحكمها ملالي، فلا يضطر مسؤولوها إلى قول غير الصدق حيث المفروض ألا يكونوا من ذوي الخيال الواسع!