الرأي

الماء والنار.. في بيان حقوق الإنسان..!

أبيــض وأســود







يمكن لكل مواطن بحريني أن يقرأ بيان حقوق الإنسان الصادر عن مجلس حقوق الإنسان بطريقتين مختلفتين، هناك أمور ممتازة جاءت في حيثيات البيان، وهناك أمور ليس كذلك أيضاً، ونحن اليوم نطرح هنا ما نراه في مصلحة وطننا، ولإظهار الحق والحقيقة ليس إلا.
نعرف أن هناك دولاً حتى وإن رأت الحقيقة بأم عينها «حقيقة ما يجري بالبحرين» إلا أن لديها موقفاً مسبقاً تجاهنا، وهذا لم يعد مجرد تحليل أو كلام مرسل، منذ بداية الأحداث في 2011 ونحن نشاهد ونقرأ ونسجل تلك المواقف، غير أن أكثر تلك المواقف أسفاً، هو موقف الولايات المتحدة الأمريكية التي تأتينا بوجه، وتقابل قادتنا بوجه، وتحرض ضدنا في المنابر الدولية، وتدفع منظمات حقوق الإنسان المختطفة، حتى تضربنا..!
مثل هذا الموقف من الأمريكان يحتاج إلى مصارحة ووقفة جادة من الدولة، ومن مؤسسات المجتمع المدني، إما أن نكون حلفاء، وإما أن نكون غير ذلك، لا توجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار..!
كما إن على البحرين أن تقوم بدور آخر من ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي من أجل مواجهة هذا الموقف الأمريكي.
اذهب الآن إلى قراءة نقاط وردت من ضمن بيان مجلس حقوق الإنسان والذي صدر من 33 دولة.
تلا المندوب السويسري الكسندر فاسل البيان، وقد جاءت إشارات طيبة رغم كل الاستهداف للبحرين، وهذه بعض النقاط الإيجابية في البيان:
1 ـ ندرك ونرحب بالخطوات الإيجابية التي قامت بها مملكة البحرين فيما يتعلق بتحسين أوضاع حقوق الإنسان، وخصوصاً إنشاء الأمانة العامة للتظلمات التابعة لوزارة الداخلية، والتقارير الصادرة عنها، إضافةً إلى وحدة التحقيق الخاصة والجهود التي تبذلها للتحقيق ومحاكمة ادعاءات الانتهاكات التي يمارسها رجال الأمن، فضلاً عن إنشاء مفوضية حقوق الإنسان والتقارير الصادرة عنها.
2 ـ نلاحظ بارتياح أن المشاورات العامة التي تمت خلال زيارة الفريق الفني للمفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى البحرين في خريف 2014 قد شملت جميع أصحاب المصلحة بما في ذلك ممثلين عن المجتمع المدني والتي تمت من خلالها مناقشة مشروع التعاون التقني مع مكتب المفوضية.
3 ـ أدان البيان استهداف أفراد قوات الأمن بما في ذلك من استخدام العبوات الناسفة التي أدت إلى وفاة عدد من أفراد قوات الأمن ومن ضمنهم وفاة أربعة شرطيين في العام الماضي.
4 ـ شجع البيان على تصريحات وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد، وجاء فيه «إن إعلان وزير الخارجية البحريني عن التعاون مع مفوضية حقوق الإنسان أمر مشجع ونحث الحكومة على إضفاء الطابع الرسمي على هذا التعاون».
أحصيت أربع نقاط إيجابية وردت في بيان الدول الـ33، رغم أن بالبيان أيضاً نقاطاً سلبية «وأحسبها موجهة» إلا أن ما يعنيني هنا هو أن هناك نقاطاً إيجابية وإشادة بخطوات مملكة البحرين تجاه حقوق الإنسان، وهي الإجراءات التي قامت بها الحكومة الموقرة خلال الفترة الماضية.
في خضم كل ذلك لا ينبغي أيضاً إغفال موقف هام جداً وهو تغير موقف 13 دولة بشكل إيجابي تجاه البحرين في مجلس حقوق الإنسان، فقد كان عدد الدول الموقع على البيان (الذي عبر عن قلق تلك الدول) 46 دولة.
بينما أصبح عدد الدول التي أصدرت البيان الأخير 33 دولة، وهذا يعني تغير موقف 13 دولة، وهذا أمر إيجابي جداً، حتى وإن كنا نتمنى أن يكون عدد الدول التي تتضح أمامها الحقائق ويتغير موقفها أكبر، إلا أن تغير موقف 13 دولة كان أمراً إيجابياً.
الدول التي غيرت موقفها تجاه البحرين بشكل إيجابي ورفضت التوقيع على البيان الأخير هي: «كندا، إيطاليا، إسبانيا، اليونان، المجر، ألبانيا، المكسيك، كرواتيا، قبرص، فنلندا، مالطا، صربيا، سلوفاكيا».
وهذا مؤشر طيب، وأعتقد أنه يجب علينا كدولة، وكمؤسسات مجتمع مدني أن نتواصل بشكل جيد جداً مع هذه الدول، وأن نشكر سفراء هذه الدول في البحرين أو من يمثلهم في المنطقة، وأن نوصل إليهم تقدير المواطنين أولاً، وتقدير الحكومة ثانياً.
المؤشرات الطيبة ينبغي البناء عليها، وهي لم تأت من فراغ بل هي من ضمن المشروع الإصلاحي الكبير لجلالة الملك حفظه الله ورعاه، أما الأمور الأخرى فأعتقد أن هناك دولاً تستهدف البحرين بشكل سافر من خلال منظمات حقوق الإنسان، ومهما فعلنا معها فلن يتغير موقفها، وهذا أيضاً يتطلب إجراءات ومواقف من الدولة، وأيضاً من خلال مجلس التعاون الخليجي.
هناك مسألة أخرى يجب أن تبحث من الدولة أيضاً، هل قمنا بالعمل اللازم داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان؟
هل أرسلنا وفوداً شعبية ورسمية على مستوى من الكفاءة ولديها معرفة في كيفية مخاطبة الأجانب، وفي كيفية توصيل المعلومة الصحيحة إليهم؟
أحسب أن لدينا خللاً في هذا الجانب، وينبغي أن نقوم بإعداد الأشخاص من الجنسين إعداداً علمياً ومهنياً، ومن خلال بناء الشخصية والكاريزما من أجل معرفة المداخل في مخاطبة الرأي العام العالمي.
دول مجاورة سبقتنا في ذلك، كل شيء يتم إعداده بشكل علمي ومدروس، وأخذ دورات متقدمة وإرسال من هم على كفاءة لزيادة كفاءتهم وتنمية الجوانب الأخرى في شخصيتهم، حتى نخاطب الغرب بلغة يفهمها، ومن خلال أشخاص يملكون مقومات هذا الدور الوطني الهام.
أن نقوم بعمل سريع وارتجالي هذا لا يخدم الوطن، كل شيء يدرس ويعلم، ونتمنى أن نبتعد عن المجاملات في اختيار من يتحدثون مع الغرب، نحتاج إلى الكفاءات الوطنية المؤهلة لذلك، والذين يملكون المفاتيح والأسلوب الصحيح.
مع كل احترامي وتقديري وامتناني للوفود الرسمية والشعبية، إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى مراجعات.
دول الجوار قامت في سنوات سابقة بإعداد وتهيئة من سيتولون مهام السفراء لبلدانهم بالخارج، وأقامت المعاهد الدبلوماسية، وتم إدخالهم دورات متقدمة في فنون الدبلوماسية، وفنون التفاوض، واخذوا يرسلون السفراء الذين تم تدريسهم لغة الدولة التي سيذهبون إليها، وتدريسهم كل ما يتعلق بالمجتمع الذي سيذهبون إليه، هكذا يفعل من لديه تخطيط ورؤية مستقبلية.
بينما مازال تعيين السفراء لدينا يقوم على الترضية، وهذا لا يخدم موقف البحرين في هذا التوقيت الحرج، ولا يخدم من إيصال الحقيقة إلى الخارج.
بيان مجلس حقوق الإنسان كان بمثابة اللعب بالماء والنار، بينما كانت النار فيه أغلب وأكثر، إلا أنه يحسب للدولة أنها قامت بخطوات حقيقية ممتازة على أرض الواقع، وأحسب أيضاً أن لدينا الكثير من الإيجابيات والصور الرائعة التي يمكن العمل على إيصالها للغرب، لكننا ربما أخفقنا في ذلك، أو شاب علمنا القصور.
تغير موقف 13 دولة بشكل إيجابي كان أمراً ممتازاً رغم المحاولات الإيرانية لثنيهم عن تغير موقفهم، إلا أنهم غيروا موقفهم، وهذا أمر طيب، وأجدد الدعوة لشكرهم على ذلك شعبياً ورسمياً.
كانت من أبرز الدول التي سعت لأن تضغط على البحرين دولتان يجب أن نتوقف عند تحالفهما ضدنا، وهما إيران وأمريكا..!
ويكفي أن تعرف هذه المعلومة لتعرف وتدرك حجم المؤامرة والاتفاق بين دولتين، واحدة شاهرة العداء، وأخرى لديها ألف وجه، وألف موقف، وألف مصلحة، وبالإمكان أن تبيع حلفاءها في لحظة، هذه هي أمريكا.
اجتمعت إيران وأمريكا ضدنا، هكذا يفعل الذين اتفقوا على تبادل الأدوار في المنطقة، وهناك من يوهمنا أن بين تلك الدولتين عداء، بينما هما على اتفاق تام وتقاسم واضح فاضح، موقف مجلس حقوق الإنسان ظهر فيه وجهان ضدنا، هما إيران وأمريكا، إنه زواج المتعة السياسية، ولا أعرف ربما حدث ذلك بعد إقرار الرئيس الأمريكي أوباما لقانون زواج المثليين..!