الرأي

دول عربية في أوروبا

نظــــــرات



الدول العربية باتت في مقدمة الدول المصدرة للمهاجرين في العالم على الإطلاق، وقدرت الهجرة الواسعة للعرب إلى أوروبا بأنها أكبر موجة هجرة تشهدها أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
الإعلام الدولي يركز اليوم على الدول التي فتحت أو أغلقت أبوابها أمام المهاجرين العرب الفارين من جحيم ما يسمى بالربيع العربي، ويتجاهل مستقبل الأمن والاستقرار في بلدانهم، كما يتجاهل مستقبل ظاهرة المهاجرين العرب في أوروبا.
المهاجرون العرب إلى دول الخليج العربي وأوروبا يقدرون بالملايين من سوريا والعراق وليبيا وغيرها من البقاع الملتهبة في الشرق الأوسط. وهؤلاء لا يتوقع أن يعودوا إلى بلدانهم قريباً، أو حتى عندما تنتهي حالة استقرار الفوضى بعد عقد أو أكثر من الزمن. فكيف تستوعب المجتمعات المهاجرين العرب؟
لنتحدث فقط عن أوروبا، حيث يمكن أن يمثل هؤلاء المهاجرين تحدياً للدول المستقبلة خلال الفترة المقبلة، ولن نتحدث عن دول الخليج العربية، لأن هؤلاء يندمجون فيها بسرعة، وهناك آليات ـ وإن كانت محدودة ـ قادرة على إدماجهم سريعاً رغم التفاوت المتوقع من مجتمع لآخر.
في أوروبا المخاوف تتزايد بشكل إمكانية تسلل عناصر من الجماعات الثيوقراطية الراديكالية مثل داعش إلى المجتمعات الأوروبية، ومن ثم انخراطهم في عمليات إرهابية ممنهجة قد تحدث قريباً أو مستقبلاً. ولكن لا يتم الحديث عن كيفية ضمان إعاشة المهاجرين، وجدوى دمجهم في المجتمع، خاصة وأن فترة إقامتهم في المجتمعات الأوروبية قد تستغرق عقوداً.
في أي مجتمع عندما تدخل أعداد كبيرة من خارجه، فإن السلوك الطبيعي هو التحفظ السريع على هؤلاء باعتبارهم دخلاء، وبعد فترة يتحول هذا التحفظ إلى نوع من العداء، ويتطور سريعاً ليصبح سلوكاً عنصرياً، ويدخل المجتمع مرحلة من تكوين مجموعات إثنو ـ طائفية تعيش صراعاً فيما بينها قد يصل إلى الصراع المسلح، إلى أن يحين أوان القناعة بالتعايش وسيادة القانون.
أحزاب وجماعات اليمين المتطرف تعتبر موجة الهجرة العربية حالياً بأنها تمثل خطراً قومياً على أوروبا، ووصف بعضهم هذه الموجة بـ (غزو عربي أو إسلامي) للقارة الأوروبية. وأعتقد أن أفكاراً ستظهر بعد وقت تتعلق بضرورة عدم إدماج المهاجرين العرب في المجتمعات الأوروبية، والاكتفاء بإقامة مخيمات خاصة لهم على الحدود فقط تجنباً لمخاطر الاندماج، ولكن بعضهم قد يعود ويحذر من جديد بخطورة ولادة جيوب أو دول عربية في أوروبا!