الرأي

راية التوحيد.. من اليمن إلى قم فطهران

راية التوحيد.. من اليمن إلى قم فطهران



ليس هي الحرب الأولى؛ فقد كان قبلها حروب.. إنها عاصفة الحزم التي جاءت لتجدد واقع الأمة وتغييره للأفضل والأجمل إن شاء الله، كانت قبلها حرب دخلها جنود المملكة العربية السعودية جنباً إلى جنب مع إخوانهم من أبناء الجيش المصري، حرب 1948 التي سقط فيها 96 شهيداً من الجيش السعودي و88 من المتطوعين السعوديين ارتوى تراب فلسطين بدمائهم.
هذا التاريخ المجيد المنسي لم تذكره مناهج دراسية ولا ندوات سياسية ولا مقابلات صحافية ولا تلفزيونية، هذا المجد الذي سطره السعوديون.. ويسطر معهم اليوم إخوانهم من دول الخليج مجداً جديداً سيغير مجرى التاريخ ليكتب مستقبل لن يتوقع أحد حدوثه، مستقبل العزة والكرامة التي لن ترضى الشعوب الخليجية له بديلاً بعد هذه الساعة، وها هي الجيوش الخليجية التي تتدافع عجلات دباباتها ومدرعاتها إلى أرض الحرمين دفاعاً عن حياضها، إنهم الجنود البواسل الذين ضربوا أروع أمثلة الجهاد والفداء.. جنود بواسل تركوا حياة الدعة والترف في بلدانهم وجاءوا ملبين النداء فرحين، وها هي صورهم وأقوالهم خير دليل على أنهم يتسابقون للانضمام لإخوانهم من الجيش السعودي، وأن يكونوا صفاً واحداً في وجه عدو واحد يحاول أن يسرق أرضهم ويهدم عقيدتهم ويستحل أموالهم وأعراضهم.
وكانت قبلها ذلك حرب 1948، حيث أصدر الملك عبدالعزيز آل سعود حال اندلاعها أمره لوزير الدفاع السعودي بإرسال فرقة عسكرية سعودية للجهاد في فلسطين، وفي ظرف 24 ساعة توجهت الدفعة الأولى بالطائرات والبواخر تحت قيادة العقيد سعيد بك، ووكيله القائد عبدالله بن نامي، وبلغ عدد ضباط وأفراد الفرقة حوالي ثلاثة آلاف ومائتي رجل، حيث خاضت هذه القوات المعارك جنباً إلى جنب مع إخوانه من الجيش المصري ضد إسرائيل.
أما المعركة التي خاضها الجيش السعودي لوحده ضد إسرائيل ودون تدخل من أي جيش عربي آخر، حيث واصل الجيش السعودي سيره إلى غزة، والتي تصدى فيها للجيش الإسرائيلي، وبعد اشتباك ومحاصرة الجيش الإسرائيلي للجيش السعودي لمدة أربعة أيام صمد فيها وانتصر الجيش السعودي بذكاء اللواء مفلح التميمي الذي خاض المعركة بطريقة حرب عصابات حتى أنهك اللواء الإسرائيلي فسقط عدد من أبناء السعودية على أرض فلسطين المباركة بعد أن أثخنوا العدو الصهيوني قتلاً، وانتهت الحرب في عام 1949 بعد توقيع المصريين اتفاق الهدنة مع إسرائيل، وبقيت القوات السعودية بعدها في مصر عاماً كاملاً حسب طلب رغبة الحكومة المصرية تحسباً لأي خطر، وبعدها عاد الجيش السعودي إلى أرض الوطن واستقبل استقبالاً كبيراً من الشعب والقيادة.
حرب جديدة اليوم تفرض على دول الخليج لمواجهة عدو واحد، حرب مصيرية جاءت ملبية لرغبة شعوبها التي قد عقدت العزم على الالتفاف حول قياداتها للتصدي لهذا العدو الفارسي الذي ظن أنه سيقدر على أمة التوحيد.. وما هذه التضحيات التي يقدمها الجيش السعودي، وبالأمس الجيش الإماراتي والجيش البحريني، والجيش القطري الذي شاهدنا بالأمس أرتال مدرعاته في طريقها إلى أرض الحرمين، إلا دليل بأنها ملحمة خليجية قادمة، وربما يليها فتح باب التطوع لتكتمل صورة المجد القديم ليعود بعصر الفتوحات.. إنه فتح اليمن.. وسيليه فتح العراق وسوريا ثم فتح إيران وعودتها إلى أصولها كولاية من الولايات تتبع السعودية بإذن الله.
ليس أمنية بل سيكون واقعاً؛ مثلما كانت «عاصفة الحزم» التي لم يتوقع أنه قد يكون قرار مصيري حاسم يتم تنفيذه في لحظة، إنها قدرة الله وإرادته التي ساقت ملوك وأمراء دول الخليج أن تجتمع كلمتهم وتتوحد صفوفهم، إرادة الله التي وقفت أمامها أمريكا بمجلسها ومؤسساتها وتحالفاتها وجيوشها وإيران وحلفاؤها، جميعهم خروا صامتين، لم يستطيعوا أن يرفعوا بندقية واحدة أو يرسلوا لواء أو يخرجوا بقرار يدين هذه الحرب، لأنها حرب حق ضد باطل، حرب أراد الله بها أن يصلح بها حال الأمة.
فهنيئاً للأمة بهذه الصحوة المباركة.. هنيئاً لهذه الأمة بسقوط شهدائها الذين سيكتب الله بدمائهم مستقبلاً جديداً فيه توحد دول الخليج تحت راية التوحيد، راية التوحيد التي ستشق طريقها من اليمن حتى ترفرف في سماء قم وطهران.