الرأي

ما بين سطور خطاب وزير الداخلية!

أبيــض وأســود



حين تلقينا الدعوة الكريمة لحضور لقاء وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، كانت هناك جملة تساؤولات تدور في الذهن حول موضوع اللقاء، خاصة أن الدعوة حملة صفة اللقاء مع فعاليات المجتمع البحريني.
مما يميز لقاء وزير الداخلية هو أنه قبل أن يبدأ الخطاب بشكل رسمي، دائماً ما يبدأ بالحديث مع المواطنين عن حياتهم، وعن أمور خارجة تماماً عن موضوع اللقاء، وهو ذكاء كبير في إزالة أي حاجز نفسي بين ملقي الخطاب والمتلقي، والعكس.
في بداية كلمة وزير الداخلية أمس شدد على أن هذا اللقاء يأتي من أجل تقديم الشكر لأهل البحرين على موقفهم الوطني المشرف من التدخلات الإيرانية، وفي استنكار هذه التدخلات شعبياً، وكان هذا الاستنكار القوي استجابة لدعوة وزير الداخلية التي أطلقها قبل فترة وتجاوب معها أهل البحرين، وكانت أفضل رد على تلك التدخلات، كما قال الوزير.
وقد هنأ الشيخ راشد بن عبدالله جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله ورعاه على هذا الموقف الشعبي النابع من قلوب أهل البحرين، وقد قال الوزير أيضاً في عبارة جميلة: «الكل قريب والكل عزيز، والجميع على مسافة واحدة، يقرب الشخص عمله وانتماؤه، والعكس صحيح».
وقال الوزير أيضاً: «نحمد الله على ما وصلت إليه الأمور بشكل عام في البحرين، وكان ذلك بدون شك بفضل الكثير من الإجراءات المسؤولة على مستوى الدولة والحكومة والتعاون من قبل المواطنين والمقيمين».
كما أوضح الوزير الشيخ راشد بن عبدالله أن هناك مجموعة من الإجراءات والتنظيمات التي نعمل على إقرارها مثل السياج الأمني البحري، ووضع ضوابط عامة للسفر للمناطق الخطرة، والتي تشهد نزاعات مسلحة، وضوابط أخرى تنظم سفر من هم دون سن الثامنة عشرة، وقال إن هذا المشروع سيقدم لمجلس الوزراء قريباً.
كما شدد الوزير على ضرورة تأهيل الخطباء، ومزاولة عملهم وفق الشروط، وقال: «وإني أرى أن يشمل ذلك الحصول على تصريح لمزاولة الخطابة وألا يكون الخطيب منتمياً إلى أي جمعية سياسية».
ربما هذا أهم ما جاء في خطاب وزير الداخلية أمس، غير أن الوزير رغم كل الأحداث والانشغالات والالتزامات، إلا أنه يقوم بشكل دوري باللقاء مع أطياف المجتمع البحريني بما فيهم رجال الصحافة والإعلام، وهذا الأمر يحسب له، فهذا التواصل يذيب الكثير من الفواصل والحواجز، ويجعل المواطن يشعر أن وزير الداخلية (المعني الأول بالأمن) يلتقيه ويصافحه، ويسمع منه، وهذا أمر طيب دأب عليه الشيخ راشد بن عبدالله.
من الواضح أن هناك إجراءات قادمة حيال السفر لمناطق النزاعات والاضطرابات، وهذا الأمر بدا واضحاً في الخطاب، وأحسب أن هذه الخطوة ستكون خطوة طيبة، وهي جزء من إجراءات قطع الطريق السريع بين بعض المواطنين، والتدريب على الأسلحة والمتفجرات وتهريبها إلى البحرين.
ولا أعلم هل ستقوم الداخلية بإجراءات أخرى حيال من يتكرر سفره إلى بلدان بعينها، وهي معرفة بالعداء للبحرين؟
وضع ضوابط لمن تقل أعمارهم عن 18 عاماً في السفر إلى مناطق بعينها، وهو أيضاً إجراء طيب ويصب في مراجعات الدولة والحكومة للقوانين وللوضع الداخلي، وهذا يعتبر أمراً هاماً جداً، فهذه المراجعات نحتاجها في الكثير من القوانين والتشريعات.
فيما يخص الخطباء، يتضح من خطاب الوزير أمس، أن هناك إجراءات ستأتي لاحقاً لوضع ضوابط هامة لمن يتصدى للخطابة من فوق المنبر، وهذا أيضاً أمر نؤيده، ونطالب به، كما بين الوزير أن الخطيب يجب ألا يكون منتمياً إلى جمعية سياسية، وهو أمر صحيح، فالمنتمي لجمعية سياسية لابد أن يغلبه انتماؤه في محطات بعينها، مثل الانتخابات، أو الأحداث الإقليمية، وقد ظهر ذلك واضحاً وجلياً أمام الجميع.
كما طالب الشيخ راشد بن عبدالله بتأهيل الخطباء، وهو أيضاً مطلب هام جداً، فهناك من يستغل هذا المنبر لتمرير أجندات، أو يقوم بالتحريض المبطن، وأحياناً العلني، وهو ما عانت منه البحرين كثيراً، وربما مستمر حتى اليوم، رغم غياب (المحرض الأول)..!
البعض يرى أن لقاء وزير الداخلية أمس قد يتبعه أمر ما قد يحدث لاحقاً في الأيام القادمة، قد يكون ذلك، وقد لا يكون، لكن الإشارات في الخطاب بدت واضحة في اتجاهات معينة، والتي تظهر أن هناك إجراءات ستأتي لاحقاً منها التي أشرنا إليها.
في مفصل آخر من خطاب الوزير قال: «إننا لا نؤمن بمبدأ الشر يعم، والخير يخص، بل نقول إن الخير يعم، والشر يخص».
وهذا يكرس سيادة القانون، ويكرس ما دأبت عليه الدولة في النظر إلى الجميع هنا على أنهم أبناء وطن واحد، وأنهم شعب واحد، من يخالف القانون يحاسب بالقانون، كان من هنا، أو من هناك، يفرق بينهم شيء.
الشكر إلى الرجال الفاضل وزير الداخلية الشيح راشد بن عبدالله على هذا اللقاء الطيب الذي جمع الكثير من أبناء الشعب البحريني، وهذا يحسب للمسؤول الأول عن وزارة هامة وكبيرة وسيادية، وموكل إليها حفظ الأمن وتطبيق القانون في البحرين، لقاء الوزير أمس يظهر ما يتمتع به الوزير من ثقة كبيرة بالنفس، وفي ما تقوم به الوزارة من عمل وإجراءات.