الرأي

أين التكامل الاقتصادي الخليجي؟

على خفيف



التطورات التي تشهدها المنطقة والعالم اليوم، وتلك التي تمتد إلى 4 سنوات ماضية على الأقل تدفع دول مجلس التعاون إلى إجراء تغييرات جذرية على سياساتها وعلاقاتها الاقتصادية البينية، ووضع استراتيجية جديدة تهدف إلى معالجة المرض الهولندي والانعتاق من هيمنة سلعة واحدة على مصيرها الاقتصادي تقلبات أسعارها بيد الغير لا بيد دول التعاون.
فإذا كانت هذه الدول ومنذ قيام مجلس التعاون في عام 1981 لم تتفق على سياسة خارجية واحدة، وبالتالي لم توظف علاقاتها وسياساتها الخارجية في سبيل تقدمها وازدهارها وأمنها الاقتصادي داخلياً واتفاقات واستثمارات جماعية مشتركة في الخارج، فقد آن الأوان وبعد هزة النفط الأخيرة، وربما تكون الرابعة في تاريخ الهزات النفطية، أن تفك الارتباط بين السياسة والاقتصاد، وتقتنع بأن ما يحقق الأمن القطري والإقليمي لها هو الاقتصاد، هو الأمن الغذائي، هو الأمن الاقتصادي في صورته الجماعية التكاملية، هو التكامل الاقتصادي الذي نصت عليه الاتفاقية الاقتصادية المشتركة الأولى، ثم تكرر التأكيد عليه في الاتفاقية الاقتصادية المشتركة الثانية بين دول المجلس ولم يحقق على أرض الواقع حتى يومنا هذا، أي بعد 34 عاماً من عمر المجلس.
وبالعودة إلى خلفية العمل الاقتصادي الخليجي المشترك نرى أن هذا العمل ازدهر في سبعينات القرن الماضي، أي قبل قيام مجلس التعاون، ففي ذلك العقد تم تأسيس الكثير من الشركات المشتركة بين الحكومات الخليجية من ناحية، وبين القطاع الخاص كشركات مساهمة عامة، وأنه بقيام مجلس التعاون وتوجهاته الأمنية غير الاقتصادية، أخذت العلاقات الاقتصادية بين دوله وكذلك بين مؤسسات القطاع الخاص تضمحل وتتفكك، بل إن القطاع الخاص الذي يفترض أن يقود الاقتصاد قد جرى تهميشه وتراجع دوره في ظل هيمنة واستحواذ الحكومات على كل الموارد والمصروفات الاقتصادية.
واليوم فالمطلوب من دول المجلس أن تتوقف عن الهروب من مسؤولياتها تجاه شعوبها وأن تدرك أنها تواجه مجتمعة مخاطر إهمال الأمن الاقتصادي في السفينة النفطية التي تواجه العواصف والأمواج، بل والغرق، وأن عليها أن تجد تعاونها الحقيقي في استبدال العمل القطري بعمل إقليمي، والانتقال من واقع المنافسة والمناطحة الحالي إلى التكامل الاقتصادي المدعوم من الحكومات والمقاد والمنفذ من قبل القطاع الخاص في دول المجلس، ومؤخراً قام اتحاد غرف دول التعاون بتحرك في هذا السبيل، لكن يبدو أن الأمن والسياسة مازالا يشكلان عقبة أمام أي تحرك ينقذ السفينة الخليجية من الغرق.