الرأي

التأمل التجاوزي والعقل الصافي

بنــــــــــادر


وأنا أبحث عن مفهوم التأمل التجاوزي، الذي يعتبر واحداً من التقنيات الحديثة للوصول للصفاء الداخلي ويجعل الإنسان في حالة من الرضا، توقفت أمام حوار مع مؤسس هذه التقنية، وهو الحكيم مهاريشي، ولد في جلبور بالهند في 12 يناير 1918 وتوفي 5 فبراير 2008 في ليمبورخ، عن عمر ناهز 90 عاماً، وكانت سنوات نشاطه الحقيقية 1955-2008.
يقول مهاريشي في معرض كلامه عن كيف يختلف التأمل التجاوزي عن غيره من أشكال التأمل: «الفارق الأساسي هو أن التأمل التجاوزي، وإضافةً إلى بساطته، فهو تقنية عقلية فقط. التقنيات الأخرى غالباً ما تنطوي على بعض الجوانب الإضافية التي ترتبط بالعقل، مثل التنفس أو التمارين البدنية. التي قد تكون معقدة بعض الشيء لأنها تتعامل مع الكثير من الأمور. ولكن في التأمل التجاوزي ليس هناك إمكانية لأي تدخل. لذلك نحن نقول إن هذا البرنامج هو بسيط من كل جوانبه، ما يسمح للعقل الواعي أن يغطس في المجال الكامل لوجوده.
يتراوح مجال التأمل التجاوزي من العقل النشط أو العقل الفاعل إلى العقل الهادئ أو العقل المستريح. في حالة العقل المستريح وغير المتورط مع أي شيء آخر سوى العقل وغير المتورط بأي ممارسة أخرى، ينال الفرد النقاء والبساطة. في التأمل التجاوزي، ولأننا نتعامل مع العقل، فنحن نغذي جميع وسائل التعبير عن الذكاء. يتأمل العقل، ويكسب الوعي التجاوزي ويحدث التحول في الميادين المختلفة للظواهر. تحصل جميع ميادين الحياة، التي هي تعبير الذكاء على التغذية أو التحول ما يجعلها أفضل من خلال اختبار الوعي التجاوزي.
وبطبيعة الحال يظل العقل مرتبطاً مع جوانب أخرى، مثل فسيولوجيا الجسم والبيئة والكون بأسره. ولكن وبما أن التأمل التجاوزي يتعامل فقط مع أداء العقل من حالته النشطة إلى حالته المستقرة فيكون العقل غير مبال مع تلك الجوانب الأخرى، على الرغم من أنها يتعامل مع كل منها، لأن الذكاء يتعامل مع كل منها.
وفي رده على سؤال لماذا يجب أن نتعلم التقنية إذا كانت طبيعية جداً؟
يقول مهاريشي: «من خلال التعليمات، ما يحدث هو أن العقل، في حالته النشطة، يتعلم كيف يختبر الحالة الأقل نشاطاً الخاصة به. فيختبر حالاته الأقل نشاطاً بشكل تدريجي، حتى وفي نهاية المطاف يدرك الحالة التجاوزية للوعي. ولكن في التعلم للقيام بذلك يجب علينا أن نتذكر أنه عادة ما كان باستطاعة العقل التجول طويلاً في مجال المعرفة أو السلطة أو السعي لتحقيق السعادة، ولذلك يجب الآن أن يتعلم كيفية التعرف على ذاته مرة أخرى. لهذا السبب يصبح التعليم ضرورياً. بعد تعلم التأمل التجاوزي يتعلم الفرد ما هي الحالة الطبيعية. ولكن لتحقيق ذلك يتعين على المرء أن يتحرر من البرامج والأداء والتجارب غير الطبيعية».
«معظم الناس ليس لديهم خبرة في الوعي التجاوزي، الوعي الصافي، الطبيعة الصافية للعقل. إنهم يدركون العقل النشط، الذي هو حالة اليقظة للوعي. هم أيضاً على بينة من النسيان التام للعقل، أي حالة النوم. وهم على بينة من المرحلة المتوسطة، العقل في الحلم. لكنهم ليسوا على علم بالوعي الصافي أو الوعي التجاوزي. لذلك أن اختبار هذا الوعي يتم تدريسه في التأمل التجاوزي، على الرغم من أنه ليس سوى الطبيعة الحقيقية للعقل».
وحينما يقول المحاور: أليس العمل بجهد أكثر أهمية من الراحة العميقة من أجل تحقيق شيء ما؟
يرد مهاريشي: «كلا، كلا. يعلم الجميع أن النوم هو أمر طبيعي جداً. لا يجب أن يعمل المرء بجهد كي ينام. وهكذا الراحة هي عملية طبيعية. عندما يستريح المرء يشعر بتحسن، ويشعر بالراحة. «العمل بجهد» هو مبدأ خاطئ. بدلاً من ذلك، ينبغي للمرء أن يوجه العقل إلى الداخل، نسحب السهم إلى الوراء ومن ثم نطلقه. هذا هو السبيل لتحقيق رغباتنا. ينبغي أن يتم سحب العقل الممتلئ بالرغبات إلى حالة السكون، وهناك، في هذا الوعي التجاوزي، سوف تتحقق الرغبات. إنه علم عظيم للحياة، فهو لا يتطلب العمل بجهد. نتمتع ونحقق الرغبات.
إن التأمل التجاوزي من أفضل التقنيات الحديثة التي تجعل الإنسان قادراً على رؤية ما يريد أن يراه في حياته الممتدة بين الولادة والموت، ففي مرحلة العقل الهادئ تكون الروية إلى الداخل أكثر من الخارج. حاول أن تكتشف هذه الأمور عبر التجربة.