الرأي

فوضى الإعلام البحريني

نظــــــرات



إيقاف صحيفة محلية نهاية الأسبوع الماضي؛ يعود بنا إلى قضية فوضى الإعلام التي يعيشها مجتمع البحرين كغيره من المجتمعات الخليجية والعربية، وهي فوضى زادت كثيراً بعد ما يسمى بـ»الربيع العربي»، والأحداث التي شهدتها البحرين عام 2011 عندما زادت من انخراط البحرينيين في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي.
الفوضى الإعلامية ليست مسؤولة عنها وزارة شؤون الإعلام أو هيئتها، وليست مسؤولة عنها الصحف المحلية، أو حتى السلطة التنفيذية والتشريعية، فهي ظاهرة عالمية صار صعباً السيطرة عليها، وبات إسكات اتجاهات معينة في الرأي العام المحلي ضرباً من الخيال.
عندما تكون هناك فوضى في قطاع معين، فإن الحاجة تزداد لمزيد من التقنين والتنظيم، وهذه العملية تتطلب مرونة وسرعة، ودعماً مشتركاً. فبالنسبة للمرونة، من الأهمية بمكان أن يعاد النظر في كافة التشريعات والأنظمة والإجراءات المعمول بها في البحرين وتتعلق بالقطاع الإعلامي، فعلى سبيل المثال جميع الصحف البحرينية تخضع لقانون الصحافة الصادر قبل 13 عاماً عندما لم يكن انتشار الإنترنت كما هو اليوم، ولم يعرف البحرينيون حينها معنى مصطلح شبكات التواصل الاجتماعي لأنها لم تخترع بالشكل الحديث الذي نستخدمه اليوم.
منذ بدء مشروع الإصلاح السياسي تعاقب على حقيبة الإعلام ثمانية وزراء، وجميعهم وضعوا مسألة تحديث قانون الصحافة ضمن أولوياتهم، ولكن هذه المهمة لم تنجز قط، رغم الجهود الكبيرة التي بذلت لتحقيق هذا الهدف، وعادة ما يكون السبب انفراد الوزير بإعداد مسودة مشروع القانون دون إشراك الأطراف المعنية في مناقشته أو معرفة مرئياتهم بشأنه، أو أن يكون القانون خارج سياق مجتمع البحرين فترفضه الحكومة قبل أن يعلن ويناقش في البرلمان. ومع ذلك مازال التفاؤل يدفعنا لإنجاز هذا الملف بأسرع وقت ممكن.
قانون الصحافة مهم للغاية، ولكننا بحاجة إلى أنظمة أخرى تدعم مثل هذا القانون، فلا يوجد على سبيل المثال نظام يحدد منتسبي الصحافة في البحرين، ولا يوجد نظام يحدد من هم كتاب الرأي، كما أن هناك العشرات من رؤساء التحرير باتوا موجودين وبعضهم لم يكتب خبراً قط بعد أن قاموا بإنشاء مواقعهم الإلكترونية الإخبارية الخاصة.
هناك إمكانيات وفرص لأن تتولى جمعية الصحافيين البحرينية جانباً من هذا النقص على غرار النقابات الصحافية في العالم التي تتولى مهام تسجيل الصحافيين في بعض الدول، وتمنح التراخيص المطلوبة وتلغيها، وهي مسألة تحتاج إلى دراسة عاجلة، وليس مقبولاً أن يكون «الناشط» في شبكات التواصل الاجتماعي صحافياً، والذي يكتب أخباراً في الصحافة المحلية صحافياً.
زاوية أخرى تتعلق بالخطاب الإعلامي البحريني، والمقصود به هو ذلك الخطاب الذي تنتجه وسائل الإعلام غير الرسمية «صحف ومجلات، ومواقع إلكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي». فهذا الخطاب بات خطاباً غير مسؤول، ورغم وجود قانوني الصحافة والعقوبات، إلا أن هناك الكثير من المسائل والحالات من الصعوبة بمكان تطبيقها على التجاوزات في الخطاب الإعلامي، كما حدث مؤخراً في تبادل الاتهامات المتلفزة أو السب والقذف عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
لا نتوقع من البحرينيين أن يستخدموا شبكات التواصل الاجتماعي بشكل رشيد سريعاً، فهذه وسائل إعلامية جديدة مبتكرة تحتاج إلى وقت لصياغة وعي وتكوين قناعات، ومن ثم تحديد السلوك الأمثل الذي يمكن به استخدام هذا النوع من الإعلام.
الفوضى الإعلامية لن تنتهي، لأنها بدأت لتستمر ولكي لا تتوقف نهائياً، والفيصل في المسألة هو درجة المرونة التي يمكن أن نبديها لمواكبة هذه التطورات الهائلة، فالأمن الإعلامي جزء أساس من الأمن الوطني.