الرأي

العرابون.. والعملاء المزدوجون!

أبيــض وأســود







لا يمكن فصل ما يجري من تحرير لمحافظات اليمن ومدنها من الحوثيين وخونة صالح عما يجري في المنطقة والبحرين، ولا يمكن بالمقابل فصل الموضوع السوري أيضاً عما يجري بالمنطقة، وخاصة بالخليج. كل هذه الملفات تؤثر بشكل أو بآخر على المعطيات والتفاعلات والأحداث في البحرين وعلى من يقومون بالتصعيد، أو التخفيض من ممارساتهم.
بإذن الواحد الأحد، فإن تحرير اليمن سيتم، وستنقلب الموازين، وقد ظهر واتضح من خلال الإحباط والخذلان والانكسار في خطاب زعيم الحوثيين، فمن يقرأ مفردات الخطاب وأسلوب الإلقاء يدرك مدى شعور المتحدث بالهزيمة والإحباط.
لكن السؤال هنا أيضاً؛ أين دجال جنوب لبنان وخطاباته ونشوة الفرح اللحظية التي ظهرت بعد احتلال اليمن بخيانة صالح؟
لم نسمع له صوتاً منذ مدة، ربما انشغل بإخفاء حجم القتلى الذين يأتون إليه من سوريا، وأحسب أن ما يجري في سوريا إنما هو استنزاف كبير لحزب الشيطان الذي يعاني كثيراً من ورطة سوريا، فلا يستطيع الخروج والانسحاب (ولو حدث ذلك سيصبح بمثابة الخسارة)، ولا يملك أن يحقق النصر ولا يملك أيضاً التوغل في سوريا خوفاً مما سيجري لمقاتليه..!
على الجانب الآخر؛ أدركت إيران أن الحوثيين سينهزمون، فهم يملكون الغطاء الجوي، بالمقابل جاء التحرك القوي على الأرض من قبل قوات التحالف، فكيف سيصمدون. من هنا ذهبت إيران لاستباق الأحداث في سوريا، وقدمت مشروعاً يمكن فيه التضحية بالأسد، علها تبقي على ماء وجهها، وحتى تقطع الطريق على قوات التحالف حين تنتهي من تحرير اليمن وربما تتجه إلى سوريا.
الدجالون في المنطقة وأعوانهم يرددون ذات الإسطوانة، فزعيم الحوثيين بعد الهزائم والخسارات أراد الجلوس إلى طاولة الحوار (دون شروط) وهو الذي كان يرفضه، بل انقلب على الحوار الوطني في اليمن وأراد الهيمنة بقوة السلاح..!
سبحان الله، نفس السيناريو يحدث في البحرين، فمع إطلاق الدولة لمشروع الحوار وضع الانقلابيون شروطاً للحوار، ثم دخلوا بنية إفشاله والانسحاب منه، كان موقف الدولة للحوار ذكياً، وقد ورط الانقلابيين أمام (الخارج)، فإن رفضوا دخوله، فإنهم سيظهرون على أنهم الرافضون، وإن دخلوه فلن يكونوا لوحدهم، وهذه كانت ورطة كبيرة.
من أجل ذلك دخلوه بنية إفشاله والخروج منه، غير أن الدولة أيضاً بعد كل انسحاب الانقلابيين والأقزام من خلفهم من الحوار، فتحت الباب مرة أخرى، وأيضاً وضعوا العراقيل، وأخذوا يراوحون، وأخذوا يقبلون بأمور ثم يتراجعون عنها وينكصون، حتى انسحبوا مرة أخرى، والطبيعي أيضاً أن ينسحب الأقزام خلفهم، فهم مجرد تبع (ليبرالي) للولي الفقيه.
هؤلاء ليسوا أهلاً لحوار وطني جامع، هؤلاء يريدون أن يتم إعطاؤهم ما يريدون حتى يكون الانقلاب القادم من الداخل، خاصة بعد مطالبات الاستحواذ على وزارتين قويتين، لو كان هذا الاستحواذ قد حدث في السنوات الماضية لكان انقلاب 2011 قد حدث بشكل سريع من الداخل.
نواح وبكائيات الحوار عادت للخروج، من المسوقين لمشروع الولي الفقيه، كل يوم يدعون إلى الحوار (مو انتوا من برر للانقلابيين الخروج من الحوار، وقلتم إنه حوار عبثي، والآن تطالبون به، والله لن تجد منافقين ودجالين في العالم كله كما نرى ونشاهد)..!
فكل الوزارات كانت مهيئة، وقد حدث الاستيلاء والاستحواذ عليها من الداخل، بشكل تدريجي وأمام الدولة، وبفعل وزراء سابقين خططوا لذلك باسم توظيف عيال البحرين، فحدث العصيان المدني لكل الوزارات والشركات الكبرى والهامة في 2011، وكان المشهد أمامكم.
اليوم خرج أحد العرابين الجدد، خرج ليبشر الناس بإفراجات قادمة، وكأنه هو الدولة، ثم لم يلبث أن قال إنه على تواصل مع (المسؤولين) وإنه على استعداد لأن يغير خطابه، فسبحان الله، كل ذلك حدث فجأة، أين العنتريات السابقة، والصوت المرتفع، وتهديد الدولة بالمنظمات، والاتحاد الأوروبي، فجأة أصبح لدينا عراب جديد يبشر الناس بالانفراجات..؟
من بعد الانقلاب الفاشل وتوالي الأحداث تفاجأت شخصياً بحجم (العملاء المزدوجين) وهؤلاء العملاء يركض خلفهم بعض السذج في الشوارع ويظنون أن من يركضون خلفهم أبطال، بينما هؤلاء الأبطال لو عرض عليهم منصب سيبيعون كل شيء ويذهبون له، وقد فعل ذلك أصحاب بطولات سابقين وأصبحوا وزراء وفي أماكن هامة.
إذا كان العراب الجديد يتواصل مع المسؤولين للإفراجات القادمة كما يدعي، فلماذا لا يبدي حسن نية بأن يقوم بتصحيح ما قام بتخريبه بشكل متعمد ومبالغ فيه حين شوّه صورة البحرين خارجياً.
حسن النية وبناء جسور جديدة، يحتاج إلى أن يثبت العراب أنه صادق بأن يصحح ما فعله بتخطيط ممنهج كبير، فإذا فعل، فإن ذلك إحدى بوادر حسن النية، لكني لا أحسبه يفعل.
بعد فشل الانقلاب، خرج العراب وقال كلاماً يظهر أنه على صلة مع الإرهابيين، فقد طالب الدولة بأمور معينة يريدها أن تعطيه إياها، حتى يذهب للإرهابيين ويجعلهم يوقفون الإرهاب..!
فإن كان يملك كلمة على الإرهابيين فلماذا لا يوقف الإرهاب اليوم كبادرة حسن نية؟
لكن السؤال هنا، ما علاقة العراب بالإرهابيين، ومن أين أتى بالتأثير عليهم، هل بين الطرفين تواصل وتنسيق؟
من يملك كلمة على الإرهابيين فلماذا لا يوقف القتل وسفك الدماء من أجل وطنه، حتى يحدث انفراج كما يقول هو.
كثر العرابين (لكن أغلبهم فاشلون) وكثر العملاء المزدوجون الذين يظهرون أنهم أبطال، لكنهم يعملون لأطراف أخرى أيضاً، فمن الواضح أن هناك من يوهم الناس بالبطولة، وهو يضع يده في يد الجهات الرسمية ويوصل لهم المعلومات، لذلك لا يتخذ ضده إجراء.
لكن أليس من الغريب أن يخرج شخص من محبسه، ويصبح في غمضة عين متواصلاً مع المسؤولين، ويعد بإفراجات؟
لكن ماذا تقول لمن على أعينهم غشاوة، ولا يتعلمون ممن باعهم في السابق، وركض خلف المناصب، وينتظر أن يحصل على منصب هو الآخر حتى يبيع المغفلين الراكضين خلفه..!