الرأي

إعلان الانتقال إلى الإرهاب المسلح

إعلان الانتقال إلى الإرهاب المسلح



الراصد للوضع الإرهابي في مملكة البحرين، وأمام تصاعد طرق ممارسة العمليات الإرهابية التي يروح ضحيتها رجال الأمن، بات واضحاً لديه أن الأمور وصلت إلى مفترق طرق!
كثير من يتصفح اتجاهات الأطراف التأزيمية والإرهابية في مملكة البحرين ويحللها يجد أن وتيرة النبرة الإرهابية قد ارتفعت، وأخذت ملامح المشروع الإرهابي المدعوم إيرانياً تبرز أكثر أمام التطور الإرهابي الحاصل.
بعض حمقى الإرهاب شرعوا في الكتابة والتحليل بكل سفاهة ووقاحة، والتساءل أن كانت المرحلة القادمة لهم تتطلب الانتقال إلى مرحلة المواجهة المسلحة بادعاء أهمية تحرير الوطن من النظام، هذا كلام خطير ومستفز لن يفيد معه أي تهاون أو إبطاء في عجلة ضرب أوكار الإرهاب والقضاء عليها. كما تقوم وزارة الداخلية مشكورة بعمليات استباقية في مداهمة مخازن الأسلحة والمتفجرات وتقليم نشاط الخلايا الإرهابية والقبض على الإرهابيين وضمان استقرار الأمن الداخلي للوطن، وكلها خطوات تمنع وصول الوضع الأمني إلى مرحلة الإرهاب المسلح الذي تطمح إليه إيران منذ أزمة 2011؛ فإن كل هذه الجهود ستظل تدور في دوامه لن تنتهي إن لم تتم معالجة المسألة من جذورها.
في مملكة البحرين هناك طرفين في المعادلة الإرهابية؛ طرف غرر به ليتحامل على الدولة ويدعم أصحاب الأجندة الخارجية ويمارس الأنشطة الإرهابية، وطرف آخر أصبح خلية نائمة بعد أن تدرب عسكرياً في إيران والعراق وسوريا على حمل الأسلحة وتصنيع المتفجرات وتفخيخ المواقع وقيادة الفرق الميدانية التي تهاجم رجال الأمن لقتلهم وتدريب الشباب، وهذا الطرف بالمناسبة لن يتوقف لأنه درب لأجل هذا الغرض الذي يظهر نشاطه بشكل متكرر في العمليات الإرهابية التي تستهدف رجال الأمن وتوقع الشهداء، وأمثال هؤلاء لابد أن يعلن عليهم الحرب على الإرهاب مثل تلك التي أعلنتها أمريكا في أحداث 11 سبتمبر وفرنسا في حادثة جريدة شارلي أيدو، وغيرها من الدول الديمقراطية التي لم تتهاون قيد أنملة مع أول ظهور شرارة للإرهاب، ولابد أن يعلقوا على مشانق الإعدام ليكونوا عبرة ورادعاً لمن يحاول مجاراتهم في أن يكون قيادياً للقتل وصنع القنابل.
مملكة البحرين عندما شرعت في إطلاق مشروعها الإصلاحي الكبير فهي قد شرعت أيضاً في الدخول إلى عهد الدول الديمقراطية التي أسست على القوانين والتشريعات والأنظمة الحديثة، هناك حاجة اليوم أمام المشهد الإرهابي الجاري إلى تسمية المسميات بمسمياتها الصحيحة، من يقوم بصناعة القنابل وقتل رجال الأمن والتخريب والتكسير وزعزعة أمن المواطنين الآمنين وتدريب الشباب على حمل السلاح يصنف دولياً على أنه إرهابي، أما من يواجهه فيدخل في تصنيف قادة الإرهاب والجهات التي تمول الإرهابيين وتدعمهم.
إن مكافحة الإرهاب لن تستوي في مملكة البحرين إلا من خلال تطبيق قوانين تتبع الاتفاقيات الدولية التي وضعتها الأمم المتحدة والقانون الدولي لمكافحة الإرهاب من خلال إيجاد محاكم عسكرية تحاكم فيها هذه الخلايا الإرهابية بتهم الخيانة العظمى للدولة ومحاولة الانقلاب على نظام الدولة والتخابر مع دولة أجنبية لمعاونتها في تفويض الأمن وزعزعة الاستقرار الداخلي، وهي قوانين شرعت الدول الديمقراطية الكبرى في وضع عقوباتها المتمثلة في الإعدام او السجن المؤبد مع إطلاق لقب خائن على المتهم، وبررت أن ذلك يأتي كمطلب شرعي للدولة في اتخاذها ما يؤمن سلامة أرضها وحفظ السلم الأهلي واقتصاد البلد.
هناك حاجة أمام المد الإرهابي الذي بات يركز أكثر خلال الفترة الأخيرة على زعزعة استقرار البحرين وقتل من يمثله أمنياً «رجل الأمن» بوضع سياسة عامة تتبع الآلية الدولية التي تلتزم بها كل دول العالم في معالجة الإرهاب ومحاكمة قادته، وفق هذا المفهوم الدولي. فالتخابر مع إيران لمحاولة العبث بأمن البحرين الداخلي والخارجي وتلقي التمويل منها لتدريب الشباب وتهريب الأسلحة وصنع المتفجرات وسفك الدماء والتآمر على حقوق المواطنين ومحاولة تسليم البلاد للأجنبي وخلق حالة من الفوضى لتسهيل دخول الدول الأجنبية في شؤون الدولة والانقلاب على نظام الدولة؛ كلها تدرج ضمن جرائم الخيانة العظمى للدولة التي لا يحاكم فيها الإرهابيون محاكمات وفق قوانين عادية وفي محاكم مدنية؛ بل وفق القانون الدولي للإرهاب وفي محاكم عسكرية.
قانون العقوبات البحريني تكفل في كثير من بنوده بتحديد العقوبات اللازمة وفق هذه الجرائم، ففي المادة 121 و122 منه حدد عقوبة الإعدام لكل من سعى لدى دولة أجنبية معادية أو تخابر معها او مع احد ممن يعملون لمصلحتها لمعاونتها في عملياتها الحربية او للاضرار بالعمليات الحربية والقيام بأعمال عدائية ضد مملكة البحرين، كذلك في بنود الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي تراوحت العقوبات ما بين المؤبد والإعدام في كل ما يختص بتهريب الأسلحة وقلب دستور الدولة بالقوة.
هناك حاجة اليوم وبعد كل ما نشهده من تصريحات إيرانية عدائية تجاه مملكة البحرين ووقاحة في تبني الخلايا الإرهابية داخل مملكة البحرين لما تدعو إليه التصريحات وازدياد ضبط عمليات تهريب الأسلحة والمتفجرات واستشهاد الأبرياء؛ أن يتم إقرار قانون للإرهاب ويقتاد هؤلاء المجرمون قادة الإرهاب، كما يتم في الدول الديمقراطية لمحاكمتهم وإدراج قادتهم ومن يمولهم في قوائم الإرهاب الدولية، والتي تعني حظر التعامل معهم ومنعهم من دخول الوطن وتجميد ممتلكاتهم ومصالحهم.
في 12 نوفمبر 2001 وبعد أحداث 11 سبتمبر أنشأ الرئيس الأمريكي السابق بوش محاكم عسكرية استثنائية لمحاكمة من وصفهم بالمقاتلين الاعداء ووضعهم في معتقل غونتانامو، وقد أصدر مذكرة تنص على أن معتقلي تنظيم القاعدة مقاتلون أعداء آخرون لا يخضعون لاتفاقيات جنيف، مما يعني أنه أوجد حالة استثنائية لبلاده من غير المسموح لأي دولة كانت التدخل فيها، فقط لأجل حماية أمريكا من الإرهاب.
في إنجلترا مع نهاية الحرب العالمية الثانية، كان وليم جويس الذي ولد في أمريكا ويحمل جواز سفر بريطاني يقوم خلال الحرب ببث إذاعي من ألمانيا قاصداً الحط من معنويات الشعب البريطاني، فتم اعتقاله عام 1945 وأدين بتهمة الخيانة العظمى وأعدم شنقاً. الأمم المتحدة قامت لمنع الإرهاب ومكافحته بتوفير إطار قانوني لاتخاذ إجراءات ضد الإرهاب والأعمال الإرهابية التي تشمل اختطاف الطائرات وأخذ الرهائن وتفجير القنابل وتمويل الإرهاب والارهاب النووي، مملكة البحرين اليوم لا يمكن لها أن تغرد خارج سرب الدول التي تحارب الإرهاب وتكافحه بالقوانين الحازمة، اليوم نحن بحاجة لمثل هذه الخطوة حتى يتوقف الوهم الإيراني في جر البحرين إلى مرحلة المواجهة المسلحة والحرب الطائفية وإعلانه.