الرأي

عندما تسمى الدولة بـ «الآخر»

عندما تسمى الدولة بـ «الآخر»



يفخمون أنفسهم ويستصغرون الدولة في كل تصريحاتهم وندواتهم وتقاريرهم، وكذلك هي صحيفتهم تتعمد استخدام الكلمات التي تنقص من هيبة الدولة، بل تمحوها أمام ميليشياتهم الإرهابية، ونأخذ مثالاً على كيفية محوها، بل قتلها في نفسية أتباعهم، وكيف يصنعون لهم قادة ودولة، وها هو المدعو كاظم الذي خرج توه من السجن وقد بدأت علامات الصحة الموفورة والسرور على وجهه يقول في المقابلة التي أجرته الصحيفة المحلية «ندعو إلى كلمة سواء بين المعارضة والحكومة على أساس التكافؤ لا المغالبة»، أي يصور نفسه بأنه حكومة، كما يلغي الحكم من الأساس.
ويحاول بأسلوبهم في تصغير الدولة، وهو كما جاء على لسان الذي توه خارج من السجن «المعارضة قدمت مبادرات وخيارات لكن الطرف الآخر لم يكن مستعداً لقبولها»، لم يتوقف عن تسمية الدولة بالطرف الآخر بل سماها «الآخر» بقوله «والكرة اليوم في ملعب الآخر»، وفي المقابل يتحدث عن جمعيته راعية الإرهاب فيقول عنها «إنها مؤسسة وليست أفراداً».
إذاً ماذا تنتظرون من جمعية إرهابية مازال مقرها مفتوحاً وبعضاً من أعضائها يدخلون السجن ويخرجون منه بصحة أوفر ومزاج أفضل وكأنهم كانوا في إجازة بـ»منتجع»، وبالفعل كذلك، فها هو يتذكر السجن كأيام جميلة يسترجع ذكرياتها بقوله «ففي السجن بطبيعة الحال فرصة أكبر للقراءة والاطلاع، والخلو مع النفس والرب»، هذا هو الواقع المر عندما تغذى هذه الأشكال لتصبح شخصيات مناضلة ورائعة في نظر أتباعها بينما تصبح الدولة في نظرهم ليست أكثر من مجرد «آخر»، وبالطبع سيكون هذا الاسم عالقاً في أذهانهم وأذهان أجيالهم، عندما يرون قادة الإرهاب يتمتعون بكل المزايا والرفاهية، وقد يكون هذا الذي يسمي الدولة «الآخر» مازال يحمل جوازاً خاصاً ويتمتع بالحرية، وقد يحزم حقائبه غداً في زيارة إلى أمريكا أو العراق أو إيران ليكمل محادثاته هناك مع المسؤولين.
ولكن ليس من الصعب أن يتعلم هؤلاء احترام الدولة التي أغدقت عليهم العطايا وفتحت لهم مؤسساتها ليختاروا أي كرسي فيها، كما أناطت إليهم أمانة الدولة والشعب، هؤلاء يجب أن يعرفوا من اليوم حدودهم، وأنهم مجرد مواطنين إن قبلوا بالعيش كما يعيش غيرهم أهلاً وسهلاً، وإن أصروا على عصيانهم للدولة وواصلوا مؤامراتهم للإطاحة بالحكم فالمكان الذي قدموا منه أولى بهم فليرحلوا إليه، هؤلاء سيتعلمون عندما ينفذ -وليس فقط يصدر- حكم الإعدام في الإرهابيين، وسجن المحرضين سجناً أبدياً أو ترحيلهم ونفيهم وإسقاط جنسية كل من يحاول المساس بأمن البحرين.
وها هي إيران لم تتردد في تأديب من حاول فقط أن يبدي احتجاجه على نتائج انتخابات، بينما هو ابن بار لهم ومخلص وخادم من خدام ولاية الفقيه ومنهم موسوي ورهنور وكروبي الذين فرضت عليهم الإقامة الجبرية هم وأبنائهم ونسائهم، بينما هؤلاء يتآمرون على الحكم ويتخابرون مع دول أجنبية ويشككون في نزاهة الدولة، ويعلنون عصيانهم على مؤسساتهم وقانونهم ويرفضون الانصياع إلى طاعة الدولة، بل يحرضون على الخروج على طاعته، تصدر فيهم أحكام لا تتعدى الأشهر، وقد يخرجون قبل انتهاء العقوبة بصحة أوفر ومزاج أفضل، فلذلك ليس عجباً أن يستصغروا الدولة ويسمونها «آخر».