الرأي

شرباكة الدعم

على خفيف


كان من المفترض أن تقدم الحكومة تصوراً واضحاً ومتكاملاً لموضوع الدعم يقوم على مبدأ محدد هو إلغاء الدعم بالكامل وتقديم تعويض نقدي للمواطنين المستحقين الذين تتراوح مداخيلهم بين مبلغ علاوة الغلاء ومتوسط دخل البحريني من الناتج الإجمالي المحلي مثلاً، أي أن تبدأ معالجة موضوع الدعم بأكمله وشموليته انطلاقاً من نتائج دراسة توصي برفع الحد الأدنى للأجور، أو لنقل تعديل مداخيل فئة من المواطنين إلى المستوى الذي يساعدهم على مجاراة الأسعار الحالية للمواد الغذائية والطاقة وغيرها...
دراسة تبين لنا بالأرقام متوسط ميزانية الأسرة البحرينية، موزعة الدخل المقدر على المصروفات الأساسية والشاملة لمتطلبات المعيشة والتعليم والتطبيب والترفيه، فتقول لنا مثلاً ما هي النسبة التي تشكلها المواد الغذائية من دخل الأسرة، وكذلك كلفة الطاقة والكماليات والترفيه، وصولاً إلى معرفة الدخل المناسب للأسرة من ناحية وحجم ونسب المصروفات التي يتكفلها المواطن أو الأسرة، وأعني بالمصروفات هنا الشاملة للدعم في الوقت الحاضر، والدخل المقدر والمستوعب لكل أنواع الدعم الذي يقدم اليوم.
إلا أنه من المنطقي والطبيعي أن تسبق وضع دراسة ميزانية الأسرة دراسة أخرى تحدد أشكال الدعم ومجالاته وحقيقة كلفته العامة ومن ثم نسب كلفة المواطن المستحق للدعم من كل نوع ومن إجمالي الدعم، وهي الحصيلة التي يجب أن تخرج بها هذه الدراسة ويؤخذ بها كأساس وكمؤثر لدراسة تعديل المداخيل.
هاتان الدراستان اللتان كان على الوفد الحكومي في اللجنة المشتركة مع النواب أن يقدمهما إلى الاجتماع المشترك الذي عقد الأسبوع الماضي، لكن ما حدث هو أن الحكومة أضاعت وقت الاجتماع بالحديث عن العموميات والتأكيد على مبادئ سبق أن طرحتها وبذات الصيغة قبل عامين، فالحكومة -وكما عرضت في الاجتماع- لم تنته من وضع تصور محدد لمستقبل الدعم بصفة عامة وكل مجال من مجالاته بصفة خاصة، وهي تفكر أو تريد أن ترفع الدعم عن اللحوم «بعد أن أصبحت اللحوم الحمراء قضية مصيرية» لكنها لا تدري حتى الآن كيف ستعوض البحرينيين عن خسارتهم من إلغاء الدعم، وهي تريد أن تلغي الدعم عن الغاز والديزل والكيروسين، لكنها لا تريد أن تسبب أي ضرر للمواطن العادي علماً بأن غالبية دعم هذه المواد يذهب للشركات والحكومة، وهي -أي الحكومة- لم تفكر بعد بإلغاء الدعم عن البنزين، ومشكلة دعم الكهرباء للمتزوجين من أربع، وبالتالي فإن الحكومة أدخلت نفسها في شرباكة لن تخرج منها لا في شهر سبتمبر «شهر اللحوم» ولا العام القادم، شرباكة هدفها الهروب إلى الأمام من وضع الدراستين سالفتي الذكر والمكروهتين من قبلها.