الرأي

نطلب ممن استنجد بطهران أن يدين التدخلات الإيرانية!

أبيــض وأســود


من يظن أن البحرين تجاوزت تداعيات أزمة 2011 بعد أن انتصرت إرادة الوطن وأهل البحرين على الباطل، من ظن أن الأمور انتهت؛ فهو لا يرى الصورة الواقعية على الأرض.
من قالوا (انتصرنا والناصر الله) هُزموا شر هزيمة، وأصبحت الإرادة الوطنية الجامعة هي المنتصرة على من أراد أن يحول البحرين إلى ولاية إيرانية.
هذا النصر يجب أن نتعلم منه، مثلما يتعلم الإنسان منا من الفشل والهزيمة، إرادة الواحد الأحد سبحانه هي التي نصرتنا، فلا تظنوا أن تحقق النصر جاء من المواطنين والمقيمين والجيوش أو الدول الحليفة وحدها، النصر يأتي من الله، وهو من سخر لنا تلك الأسباب، وإلا فإنك مهما بلغت من القوة وتحالفات، لن تنتصر إن لم ينصرك رب العزة والجلال، وانتصار إرادة أهل البحرين تعني أن الله هزم من كان يريد لنا الفوضى والاقتتال والفتنة.
أهل البحرين بكل طوائفهم، وأديانهم وأطيافهم، منهم السنة ومنهم الشيعة ومنهم المقيم المحب للبحرين، وقفوا وقفة مشرفة ووطنية وعروبية في 2011 حتى كان ذلك الخروج بمثابة الزلزال والكارثة التي قصمت ظهر (البعير)، وقصمت ظهر من كان يوهم العالم أن من في الدوار هم أهل البحرين.
حين تهم الدولة وأجهزتها بأن تطلب من المواطنين إدانة التدخلات الإيرانية، فإن من سيدين معروف سلفاً، ومن سيقف يتفرج، أيضاً معروف، ومن هو أصلاً مع هذه التدخلات أيضاً معروف، الأفعال تفضح، وليس نحن.
نقول اليوم للدولة وأجهزتها، كيف تطلبون ممن استنجد بإيران في 2011 للتدخل العسكري بالبحرين أن يدين التدخلات الإيرانية في الشأن البحريني؟
هل تتوقعون من الذين طالبوا بالتدخل الإيراني أن يقولوا لكم اليوم في 2015 إننا ندين التدخلات الإيرانية بالبحرين؟
هل تريدون ممن كان في 2011 في اجتماع وسمع عن دخول قوات درع الجزيرة، ثم ضرب على الطاولة بيده غاضباً، وقال: «سنطلب تدخل إيران» هل تتوقعون أن يدين التدخلات الإيرانية؟
هل تتوقعون مثلاً من جمعية الانقلاب وتوابعها الصغار أن يخرجوا بياناً يدين التدخلات الإيرانية؟
وإذا ما فعل بعضهم من باب الحفاظ على (مصالحه) أو من باب التقية السياسية، فهل تحسبونهم صادقين؟
(يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم)، وهل تتوقعون من صحيفة ناطقة باسم الجمعية الانقلابية أن تدين التدخلات الإيرانية، وهي وكتابها من كانوا يبررون رفع أعلام غير أعلام البحرين في مظاهراتهم؟
هل تطلبون ممن رسم على جدران بعض البيوت في القرى صور لقادة الفتنة في إيران أن يدينوا التدخلات الإيرانية؟
هل تطلبون ممن يخرج في التظاهرات وهو يرفع أعلام حزب الشيطان ويعلق في سيارته صورة دجال الجنوب أن يدين تدخلات إيران؟
الدولة منذ 2011 أمام مفترق طرق، وأمام خيارات حاسمة، إما أن يصحح المسار الذي أوصلنا إلى ساعة الانقلاب، وإما أننا سنسير في طريق الانقلابات إلى مالا نهاية.
صحيح أن هناك أموراً طيبة تصب في سيادة القانون قد تمت وهي بلا شك تفرح أهل البحرين، خاصة من بعد أن حكم القضاء على رؤوس الفتنة، وصار هذا يدخل، وذاك يخرج (وكأنها حرب أعصاب) إلا أن الوطن يحتاج إلى عمل كبير وكثير.
أصحاب سلمية القتل، وسلمية استهداف رجال الأمن، وسلمية استهداف الآمنين في الشوارع، وسلمية القنابل والـ (سي 4) ماذا تتوقعون منهم، هل تتوقعون أن يدينوا الإرهاب الذي يضرب ويقتل ويحرق؟
من يحب وطنه بكل طوائفه عليه أن يدين هذه الأعمال صراحة، فهل سمعتم منهم إدانة لإرهاب القرى؟
هل سمعتم أنهم قالوا إن ما يحدث في شوارع البحرين من إرهاب محرم شرعاً، ويجب أن يتوقف؟
لن تسمعوا منهم كلمة حق، لأنهم يرون بعيون الطائفة، وليس بعيون البحرين، كلهم وجميعهم لن ينطقوا يوماً بذلك، ثم جاء إليهم إرهاب داعش في دول الجوار، وصدعوا رؤوسنا بداعش لتخويف الدولة، ولأنهم يخافون من داعش، غير أن داعش تقتل دون تمييز بين مذهب وآخر، فصارت داعش وكأنها مسمار جحا..!
يغطون عيونهم بأياديهم عن الإرهاب اليومي في البحرين، ولا يقولون كلمة حق لله وللوطن، ومن ثم يقومون بتبرير إرهاب القرى، ويتهمون رجال الأمن بالعنف، فهل من مثل هؤلاء نطلب إدانة تدخلات إيران؟
إذا فعلنا نصبح مثل الذي يقول للسارق (احلف)..!
تصريحات قادة إيران حول البحرين يجب التعامل معها على مستوى الدولة، وأول الأهداف هي أن نتخذ مواقف واضحة وثابتة ضد الدولة العدوة بالتنسيق مع السعودية ودول الخليج، وجامعة الدول العربية.
أما داخلياً، فإن تصريحات الإيرانيين لن تخرج هكذا إن لم تكن لها بيئة خصبة بالبحرين، فهل نحارب التصريحات، ونغفل عن البيئة الخصبة؟
أم أن محاربة البيئة الخصبة هي أولوية اليوم، حتى لا تتكرر أزمات، ولا يتكرر عصيان مدني للوزارات والشركات ومؤسسات الدولة بأمر الولي الفقيه.
من هنا فإن طريق المستقبل يحتاج إلى رؤية وطنية، وتحدد الأخطاء، وتقديم أسس علمية صحيحة وموثقة لتحديد الأسباب التي أوصلتنا إلى تهديد الدولة بالعصيان المدني.
وإذا ما ظن البعض أن كل شيء انتهى وعاد إلى وضعه الطبيعي، من بعد انتصار 2011، من يظن ذلك فإنه لا يرى الحقيقة، ولا يرى الواقع على الأرض، ولا يقرأ المستقبل بصورة صحيحة ومجردة من العواطف، أكثر ما يعنينا اليوم هو التخطيط للمستقبل، وأول (البوابات) هي بوابة (التعليم) هي الأخطر، وهي التي أدت إلى ما حدث أمامنا جميعاً.