الرأي

إرادة الشفاء تصنع المعجزات

بنــــــــــادر








إذا كنت أكرر دائماً أنك أنت المسؤول عن كل ما يحدث لك في حياتك أو في جسدك؛ فأنا أعني أنك تملك كل الأدوات التي تجعل منك إنساناً قادراً على صناعة حياته كما يشاء، فالإنسان نتيجة طبيعية لأفكاره وأحلامه وأحاديثه الذاتية الخاصة به.
وقد قرأت أنه ومنذ ستة أعوام كانت السيدة آن ريزلوف على موعد مع طبيبها‏، بعد أن أجرت العديد من الفحوصات الطبية لكي يخبرها عن نتيجتها‏، وبوجه متجهم حزين أخبرها الطبيب بأن تسجل شريط فيديو لأولادها‏ يعد بمثابة وصية أو رسالة وداع لهم‏، لأن نتائج الفحوصات التي أجريت لها أثبتت أنها لم يتبق لها في هذه الحياة سوى أيام معدودات‏، أو على الأكثر عدة أشهر، لأنها مصابة بسرطان في المبيض انتشر إلى أجزاء أخرى من البطن بشكل يصعب معه التدخل بأي شكل من أشكال العلاج‏، باستثناء الأدوية المسكنة للألم‏.
خرجت آن من عند الطبيب وهي تستعيد ذكريات بداية الأعراض عندها‏، فقد شعرت فجأة بانتفاخ في بطنها وذهبت إلى المستشفى‏ وشخصها الطبيب بالكشف الإكلينيكي على أنها مصابة بإمساك‏ وأعطاها مليناً، ولكنها لم تشف‏، ثم ذهبت إلى طبيب آخر وبعد أن كشف عليها أخبرها بأنها يحتمل أن تكون حاملا‏ً، فضحكت واستنكرت ذلك وقالت له‏:‏ «أنا لم يمسني أحد من الرجال في الفترة الأخيرة‏».
وبعد عمل الفحوص الطبية‏؛ تبين أنها مصابة بورم على المبيض‏ وقد انتشر في أجزاء أخرى من البطن‏، وكانت النصيحة التي أشار بها الطبيب أنه لا داعي لمعاناتها مع مضاعفات وتكاليف العلاج‏، ونصحها بأن تجهز وصيتها‏.
وتحكي آن أنها ذهبت إلى منزلها مهمومة تكاد لا ترى أمامها‏، وأخذت تنظر إلى أولادها وتملأ عينيها منهم‏، وتناولت حبوباً مهدئة ونامت‏، إلا أنها استيقظت في الليل‏ وأخذت تصلي‏ وتتضرع إلى الله أن يأخذ بيدها ويعينها على المقاومة‏ وأن يلهمها الصواب‏، فهي ترفض بداخلها هذا الكلام اليائس الذي أخبرها الطبيب به‏ وتصر على المقاومة، حيث كانت تملك شخصية مقاتلة وعنيدة‏ إلى جانب إيمانها المخلص بأن الله سبحانه وتعالى لابد أن يقف بجانبها في هذه المحنة الكبيرة‏.‏
في صباح اليوم التالي جاءها صوت أحد أصدقائها من الأطباء على الهاتف‏ وأخبرها بأنه علم بخبر مرضها‏، وأنه حجز لها موعداً مع أحد الأطباء المشهورين في جامعة مينسوتا بعد ساعتين من هذه المكالمة ويدعي د‏.‏ لي تويجز‏، وفي اليوم التالي لهذه المقابلة ظلت آن في غرفة العمليات لمدة‏ 9‏ ساعات‏ من أجل إجراء جراحة لاستئصال الأورام من بطنها‏، وبعد العملية أخبرها الطبيب بأن سرطان المبيض يمكن أن يعود بنسبة عالية‏، وأن عليها أن تستتبع الجراحة بالعلاج الكيميائي الحديث الذي كان آنذاك في طور التجارب‏، إلا أن هذا العلاج ربما يكون له بعض المضاعفات الجانبية المؤقتة مثل الإحساس بالضعف والوهن‏ وسقوط الشعر‏ وغيرها من الأعراض‏.‏
يقول ناقل القصة: «نسيت أن أخبركم أن آن كانت تتمتع بجمال صارخ‏، وكانت إحدى النجوم البارزين الذين يتولون قراءة نشرة الأخبار في التلفزيون المحلي‏».‏
كانت آن تمر بلحظات ضعف إنساني أثناء تلقي العلاج‏، ولكنها كانت مصرة على استكمال رحلة الشفاء‏، وكانت تعلم من خلال قراءاتها أن إرادة الشفاء والإيمان بالله‏ هما أهم الأسلحة التي تحفز الجهاز المناعي على مقاومة الخلايا السرطانية‏.‏
وفي إحدى الليالي فاجأت آن مشاهديها بظهورها على الهواء مباشرة بين زميليها في النشرة الرئيسة وهي صلعاء تماماً، لا يوجد على رأسها شعرة واحدة‏، ووسط دهشة زملائها وردود أفعال المشاهدين المستغربة‏ روت آن حكايتها مع السرطان‏ وكيف تغلبت عليه‏، واعترفت بأنها تعمدت أن تظهر بهذه الصورة أمام المشاهدين لكي يعلم كل مريض بالسرطان أن إرادته هي العامل الأول في شفائه‏، وأن مارد الشفاء الموجود بداخل كل منا يمكن أن ينهض من خلال هذه الإرادة واليقين في الشفاء بإذن الله.
والآن دعوني أخبركم أن هناك ثمة أشياء لا يمكن أن يتدخل فيها الإنسان لأنها خارج إرادته، منها الولادة والموت، فإذا لم يكن وقتك لمغادرة الحياة قد حان فلا تستمع لقول الأطباء بأن لديك عدة أسابيع أو عدة أشهر، فالله وحده من يقرر ذلك.