الرأي

النووي الإيراني ومخاوف سباق التسلح

ملامح



ينظر الكثيرون إلى اتفاق مجموعة الـ5+1 مع إيران حول برنامجها النووي، الذي توصلت إليه بعد مسيرة مفاوضات شاقة، بعين الريبة، وحتى بعض الموافقين يعتقدون بإمكانية استغلال طهران لأي ثغرات أو تصعيد التوترات في الشرق الأوسط، وهو ذات الأمر الذي يقلق دول الخليج العربي.
كانت ومازالت تدخلات طهران في السياسات الداخلية لدول المنطقة، في ظل الحظر المفروض عليها قبل الاتفاق ولسنوات طويلة، والضغوط المترتبة من ذلك على اقتصادها، تثير الكثير من الحساسيات، فما بالك بعدما ترفع المحظورات عنها! وسيرفع ذلك من مؤشر هذه التدخلات بشكل أكبر مما سبق، فالتمويل سيكون متوفراً بشكل أكبر.
الاعتقاد السائد لدى البعض بأن إيران في طريقها لترتيب بيتها الداخلي، وأنها ستتخلى عن جهود سنوات طويلة من التدخلات في المنطقة، لا يأخذ في اعتباره طموحات إيران ومساعيها التاريخية للاستحواذ على المنطقة العربية، و»ظاهرة الكراهية» في ردود فعلها على الأحداث والتصريحات وخطابها العنصري المعادي للعرب، فهي تشكل لاعباً رئيساً في الصراعات الطائفية والتدخلات في البحرين وسوريا ولبنان والعراق واليمن.
صحيح أن الاتفاق حجم البرنامج النووي الإيراني وجعله أصغر حجماً وأكثر بطئاً، وجعله مقيداً ومراقباً بشكل أكبر وكفى الأمريكان والإسرائيليين من أي ضربات استباقية، لكنه لن يسهم في كبح جماح هذا الأخطبوط الساعي للسيطرة على المنطقة تدفعه رؤى طائفية بغيضة، وأنوية قومية متجذرة.
وتثير بنود الاتفاق النهائي الشكوك بشأن السماح الكامل للمفتشين بدخول المواقع العسكرية الإيرانية «في أي زمان وأي مكان»، ذلك أن طهران في ظل الحظر والتضييق والإرهاق الاقتصادي كانت تتلاعب بالمفتشين الدوليين، فما بال إن كانت قد أُعطيت بعضاً من السماح؟
وبموجب الاتفاق فإن إيران ستدخل الأسواق العالمية باعتبارها بلداً منتجاً للمواد النووية، لاسيما المنتجين الاستراتيجيين «اليورانيوم المخصب» و»المياه الثقيلة»، وسيتم إلغاء الحظر والقيود المفروضة على عمليات التصدير والاستيراد والتي فرضت منذ 35 عاماً، واستبدال الحظر المفروض على إنتاج الصواريخ الباليستية الإيرانية بحظر على إنتاج الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية فقط والتي لم تنتجها إيران يوماً ولن تدرجها في برنامجها الصاروخي مطلقاً.
ورغم أن الاتفاق النووي يفتح صفحة جديدة في العلاقات الدولية، ويفتح أفقاً جديداً للرهانات في صراعات الشرق الأوسط، ويراه المؤيدون بأنه بداية لحل النزاعات عبر الدبلوماسية؛ إلا أن خطورته تكمن في أنه سيفجر سباقاً إقليمياً للتسلح، الأمر الذي لن يكون في صالح المنطقة.