الرأي

سينقلب السحر على أوباما

في الصميم



ليس لمخلوق أن يتنبأ بما سيحدث في المستقبل، لكن بالورقة والقلم وعلم التاريخ والمعطيات والشواهد والتجارب السابقة، ممكن أن نستنتج ما سيؤول إليه مصير الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، والتاريخ أبلغنا بأن دوام الحال من المحال، وأن جمهورية العمائم، ومنذ تأسيسها في 1979 لم تصدق قط أو تلتزم باتفاق أو عهد، وسيدفع باراك أوباما ثمن غروره وتهوره وتلاعبه بمصير المنطقة، وستتجرع واشنطن كأس الندم، وسينقلب السحر على (أوباما)، وإن غداً لناظره لقريب.
ملحوظة هامة: الاتفاق لم يكن بين إيران والدول الست إياها 5+1، بل بين الولايات المتحدة وإيران، هذه حقيقة يجب أن يعيها الجميع.
لذلك على أمين عام الوفاق المدعو علي سلمان ألا يفرح كثيراً ويهلل ويبرق مهنئاً، فالاتفاق في بداية التطبيق، ويجب أن تتروى لترى كيف سيكون التطبيق وهل سينجح أم لا، والأعمال بخواتيمها، مع العلم أن ولاءك التام لإيران لا يضر، كما لا يضر «الذيب» (....) النعاج، لكنه يتطلب إبداء مظاهر من الحياء والقليل من الخجل، صحيح أنك بدأت تتفلت من قيود الغيرة على وطنك وكل ما يربطك بخليجك وعروبتك، لكن المطلوب نوع من التأني والحيطة وكبت غرامك الجارف للولي الفقيه حتى لا تكشف نفسك بسهولة، خصوصاً وأنت بت شخصاً منبوذاً من الجميع.
على العموم، الشاطر من يهتم ليس للاتفاق المعلن، لأنه مجرد متاهة لكثرة وجود النقاط والبنود الطافحة بالشروط والأوامر والمصطلحات العلمية، بل الأهم هو الاتفاق السري، فالاتفاقات الدولية -وحسب علمي- فيها المعلن والسري، والثاني هو الأهم لأنه يحوي «الألغام»، بل ويبعث على القلق، حيث المخاوف مشروعة من الاتفاق السري في فيينا، وهذا قد يدفع إلى التساؤل عن تفسير وتوضيح البنود السرية في الاتفاق والذي تمت موازاته بين مصلحة طرفي الاتفاق «واشنطن وطهران» كنفوذ إيران الإقليمي على سبيل المثال ودعمها للإرهاب وتوسعها في العالم العربي وقضية العراق، وقضية سوريا، وقضية اليمن، وقضية التمدد الإيراني الزاحف نحو دول الخليج العربي!
إذاً الاتفاق ذو شقين، والنظرة العامة متعددة الرؤى والأمر يتوقف على الزاوية التي تتخذها للرؤية وأنت تنظر، فإن كنت من أتباع إيران وخدام الولي الفقيه، فستفرح وتهلل وترقص، أما إذا كنت وطنياً تفخر لعروبتك وتنتصر لقوميتك، فستقلق وتراقب بنوع من التوجس والحذر هذا الاتفاق، لأنك وقعت بين فكي كماشة «واشنطن وطهران» واتفاقهما بالتأكيد لن يضر أمن الخليج وحسب، بل والدين كله.
إذاً ما هو المطلوب؟!..
أن نتوقف عن الجعجعة و«الهرتلة»، والجلوس على الحائط ومواصلة التثاؤب، والتحديق في الفراغ بانتظار رسالة طمأنة من البيت الأبيض، فذلك غير مجدٍ وغير مطلوب من بعد اليوم، فحديث أوباما أن الاتفاق سيمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، مجرد جعجعة فارغة وضحك على الذقون، فالاتفاق يعني إطلاق يد إيران في الخليج مقابل وقف طموحها النووي العسكري مدة محدودة فقط.
عليكم أن تواجهوا الحقيقة الغائبة وكشف الخديعة الكبرى، فالرئيس الأمريكي يا سادة وقبل 18 شهراً من انتهاء ولايته الثانية، نجح في تحقيق أعظم مشاريعه كرئيس، انتصر للمثليين ونصر الإيرانيين وأخرجهم من عزلة استمرت 35 سنة، وكما سبق وأن أطلق يد إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن، سيطلق يدها في البحرين والسعودية والكويت ودول أخرى، وسيكمل عمل جورج بوش الابن في الشرق الأوسط، فذاك دمر العراق، وسلمه إلى نظام طائفي ديكتاتوري متطرف تسبب في قيام «داعش» و«حالش» و«ماعش»، وهذا في طريقه لتسليم مفاتيح الخليج العربي بأكمله للولي الفقيه، فانتبهوا ولا داعي للاتكال على الأمريكان في حمايتنا، فإذا كانت إيران لديها منشأتان أو ثلاث نووية، فبإمكاننا أن ننشئ في المقابل خمسين منشأة نووية وأكثر على ضفاف الخليج والبقاء للأقوى.