الرأي

هل من معتبر؟!

هل من معتبر؟!



العيد باب من أبواب السعادة للمسلمين ومحطة لتجديد التواصل الأسري والمجتمعي مع من تشغلهم الدنيا عنك وفرصة للفرح؛ إلا أن هناك من يراه فرصة للإيذاء والقتل والإرهاب.
يخيل للمرء وهو يتلقف خبراً مفاده مقتل شاب لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره كان يهم بوضع قنبلة محلية الصنع في منطقة العكر لقتل رجال الأمن؛ أن هناك من غدا مسلماً بالاسم فقط، لا يشارك الناس فضيلة الصوم عن كل شر ولا مباهج الأعياد في الفرح وتجديد جسور التواصل والمحبة والتسامح. قبلها بعدة أسابيع ونحن نتذكر اقتراب موعد العيد السعيد مر على البال سؤال من شاكلة: هل سنشهد هذا العيد محاولة لإسقاط إرهابي مثل كل سنة لجعله مسمار جحا في أعمال التخريب والإرهاب أيام العيد؟ هل ستفقد إحدى العائلات أبناءها من رجال الأمن بسبب القنابل المحلية الصنع التي عادة ما تقدم كـ«عيادي» إليهم خلال المناسبات ومواسم الأفراح؟ حتى المصارف الآلية لم تسلم من شرهم في الأعياد السابقة حينما وضعت خطة لإحراق عدد منها كمحاولة لتشويه فرحة الناس بالعيد ومن باب تخريب الوطن بأي طريقة.
محزن جداً أن تجد شاباً في مقتبل عمره يغرر به لأجل مخططات خارجية من يديرها لا يدفع بابنائه في الشوارع لوضع القنابل بل يحفظهم في أرقى المدارس والجامعات الخارجية، فيما يترك أبناء البسطاء المغلوبين على أمرهم يبذلون شر مخططاته بعد عملية غسيل المخ التي يجريها لهم، كيف غاب عن أمثال هؤلاء مفهوم الدين الصحيح الذي يحرم قتل المسلمين؟ وكيف غاب عن بالهم أنه لن يشفع له هؤلاء المجرمون يوم الحساب لما اقترفه من ظلم وأذى بحق الآخرين؟ فالله يغفر الذنوب التي بينه وبينك ولكنه لا يسقط ذنوبك مع الآخرين.
يشعر المرء وهو يتابع «تخاريف» مباركتهم بادعاء أنه شهيد لا إرهابي مجرم بالضياع أمام الازدواجية الغريبة المختزنة في عقولهم، أي عقول «صاحية» ترى من يحاول قتل المسلمين بالقنابل ومن يعمد إلى إيذاء المسلمين خلال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك شهيداً؟ إن كان كذلك؛ فوفق مفهومكم فإن مفجري مسجد الصوابر بالكويت ومسجد القديح والعنود بالسعودية شهداء أيضاً وليسوا إرهابيين؟ من منح هؤلاء هبة التحليل والتحريم «على كيفهم» بحيث يكون أي شيعي يضع القنابل ويموت شهيداً وأي سني يضع القنابل ويموت إرهابياً؟ من مات وهو يحاول قتل الآخرين إرهابي في عرف العدالة والإسلام بغض النظر عن طائفته وليس شهيداً؛ فالشهيد من يموت دفاعاً عن وطنه لا عن عمائم لن تشفع له جرمه أمام الله، فالله سبحانه يوم القيامة لن يحاسبه على طائفته أو سيعتقه من العذاب لأنه «كان شاطراً في الاستماع لهؤلاء وتنفيذ مخططاتهم»، بل على أعماله الموجودة في صحيفته.
أي عقول لا تستمع لأحاديث رسولنا الكريم الذي نهى عن قتل المسلم وترويعه «والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا»، فحرمة قتل المسلم أشد من حرمة الكعبة، أي عقول لا تتبع سيرة صحابته الكرام بل تستمع لأشخاص حللوا وحرموا وفق أهوائهم ومصالحهم وحرفوا مبادئ الإسلام وابتعدوا عنه وهم يدفعون الشباب لقتل المسلمين وفي مناسباتهم الدينية؟ هل هؤلاء يقرؤون القرآن فعلاً ويتدبرون معانيه حينما ورد فيه الكثير من الآيات التي تحرم القتل (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً)، وهناك من يحاول «ترقيع جريمته بادعاء عمره الصغير»، والله حتى لو كان عمره خمس سنوات العمر لا يبرر جريمة قتل المسلمين، فعلاً من حفر حفرة لأخيه وقع فيها والجزاء من جنس العمل؛ أراد جعل العيد عزاءً وأن يبكي أعيناً ويفطر أفئدة بوضع قنبلة فانفجرت فيه وأذاقته طعم ما أراده للآخرين فأبكى الله أهله، قال رسولنا الكريم «كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركاً أو مؤمن قتل مؤمناً متعمداً»، كما قال «لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار».. فهل من معتبر؟