الرأي

الثقة بالنفس هي ما نحتاجه

بنــــــــــادر



كل شيء يبدأ من عالم الداخل، كل ما تراه في الخارج هو انعكاس لأسرارك الجوانية، الخاصة بك، والتي لا يشعر بها غيرك، حتى نور وجهك، حركة عينيك، تنفسك، طبيعة صوتك، قوته، ضعفه، خشونته، كلها تعبر بصورة مباشرة عما يتحرك في داخلك من عوالم أنت لا تملك أي إدراك لطبيعة حركتها.
ودائماً ما أقول إن داخلك هو أنت؛ أفكارك، أحلامك، طموحاتك، التي لا تعطيها في الكثير من الأحيان الاهتمام الكافي، هو كل ما ستراه في يومك، وكل سيكون أمامك وأنت تتحرك إلى الأمام لمواصلة مشوار الحياة. وكلما كانت ثقتك بنفسك قوية استطعت أن تحقق ما تتصوره أحياناً بالمستحيلات، وقمت بالقفز على جميع الحواجز التي وضعتها الظروف أمامك. حيث إن الثقة بالذات هي بداية الناجحين والزعماء في كل العصور وعلى مستوى جميع أقطار العالم، الثقة بالنفس ليست لها علاقة بالفقر والغنى أو بالصحة والمرض أو باللون والمعتقد أو بالجنس، أعني الرجل والمرأة.
قبل فترة قرأت قصة واقعية جميلة، تتحدث عن موضوع الثقة بالنفس، تقول القصة..
لم يجد رجل الأعمال الغارق في ديونه وسيلة للخروج منها سوى بأن يجلس على كرسي بالحديقة العامة وهو في قمة الحزن والهم متسائلاً إن كان هناك من ينقذه، وينقذ شركته من الإفلاس؟ فجأة! ظهر له رجل عجوز وقال له: «أرى أن هناك ما يزعجك»، فحكى له رجل الأعمال ما أصابه، فرد عليه العجوز قائلاً: «أعتقد أن بإمكاني مساعدتك»، ثم سأل الرجل عن اسمه وكتب له «شيكاً» وسلمه له قائلاً: «خذ هذه النقود وقابلني بعد سنة بهذا المكان لتعيد المبلغ»، وبعدها رحل العجوز وبقي رجل الأعمال مشدوهاً يقلب بين يديه شيكاً بمبلغ نصف مليون دولار عليه توقيع (جون دي روكفلر) رجل أعمال أمريكي كان أكثر رجال العالم ثراء فترة 1839م - 1937م. جمع ثروته من عمله في مجال البترول، وفي وقت لاحق أصبح من المشهورين، أنفق روكفلر خلال حياته مبلغ 550 مليون دولار أمريكي تقريباً في مشروعات خيرية.
أفاق الرجل من ذهوله وقال بحماسة: الآن أستطيع أن أمحو بهذه النقود كل ما يقلقني، ثم فكر لوهلة وقرر أن يسعى لحفظ شركته من الإفلاس دون أن يلجأ لصرف الشيك الذي أتخذه مصدر أمان وقوة له. وانطلق بتفاؤل نحو شركته وبدأ أعماله ودخل بمفاوضات ناجحة مع الدائنين لتأجيل تاريخ الدفع. واستطاع تحقيق عمليات بيع كبيرة لصالح شركته. وخلال بضعة شهور استطاع أن يسدد ديونه، وبدأ يربح من جديد.
وبعد انتهاء السنة المحددة من قبل ذلك العجوز ذهب الرجل إلى الحديقة متحمساً، فوجد ذلك الرجل العجوز بانتظاره على نفس الكرسي، فلم يستطع أن يتمالك نفسه فأعطاه الشيك الذي لم يصرفه، وبدأ يقص عليه قصة النجاحات التي حققها دون أن يصرف الشيك. وفجأة قاطعته ممرضة مسرعة باتجاه العجوز قائلة: «الحمدلله أني وجدتك هنا»، فأخذته من يده، وقالت لرجل الأعمال: «أرجو ألا يكون قد أزعجك، فهو دائم الهروب من مستشفى المجانين المجاور لهذه الحديقة، ويدعي للناس بأنه جون دي روكفلر.
وقف رجل الأعمال تغمره الدهشة ويفكر في تلك السنة الكاملة التي مرت وهو ينتزع شركته من خطر الإفلاس ويعقد صفقات البيع والشراء ويفاوض بقوة لاقتناعه بأن هناك نصف مليون دولار خلفه!
حينها أدرك أن النقود لم تكن هي التي غيرت حياته وأنقذت شركته، بل الذي غيرها هو اكتشافه الجديد المتمثل في «الثقة بالنفس» فهي التي تمنحك قوة تجعلك تتخطى أخطر فشل وتحقق أعظم نجاح، هي بالضبط ما نحتاجه.
إن هذه القصة وغيرها من قصص النجاح التي نسمع عنها هنا وهناك توضح لنا بصورة جازمة أن الثقة القوية بالنفس وإشعالها بزيت الرغبة القوية والدخول القوي في فضاءات المخيلة، هو الذي يحرك الظروف والأشخاص والأحداث لتقوم بتحقيق ما ترغب في تحقيقه، دع ثقتك بنفسك في أوجها، وفي أعلى درجات القلب، واذهب للحلم، واثقاً أنك ستكون ما تريد أن تكون.