الرأي

كفاكم هروباً..!

على خفيف






سواء تم إلغاء قرار رفع الدعم عن اللحوم، أو بقي ساري المفعول ابتداء من أول أغسطس، أو جرى تجميده لمدة شهر لمزيد من الدراسة والمراجعة، فإن كل هذه القرارات ومثيلاتها التي صدرت من قبل وتناولت إلغاء الدعم ومن ثم التراجع عنه، كلها تدلل على أن هناك تخبطاً في القرار الحكومي، وأنه يبنى بناء على الفعل ورد الفعل، وعلى الانفعالية أحياناً.
فدعم اللحوم هو جزء من دعم المواد الغذائية، والأخيرة هي جزء من الدعم الحكومي المباشر، والدعم الحكومي المباشر هو جزء من الدعم العام والذي يشمل دعم الغاز والمشتقات النفطية، وبالتالي فإن الدعم بمجمله ينبع من أساس واحد ويؤدي لتحقيق هدف واحد، ويخضع لسياسة واحدة، وإن أي تجزئة له بعزل أو فصل أحد أنواع الدعم عن بقية الأنواع والمجالات لا يمكن إلا أن تعيد الجزء إلى الكل وتعيد دعم اللحوم مثلاً إلى الدعم الكلي والشامل، فيسري عليه ما يسري على كافة أوجه الدعم الأخرى.
واقع التخبط هذا والهروب من مواجهة الحقائق يعودان إلى الهروب المتواصل من الأخذ بأسلوب الدراسة سبيلاً للمعرفة، والاستناد على المعرفة لاتخاذ القرار، فلو كانت هناك جهة جادة في إنهاء قضية الدعم والإتيان بحل عادل لمبدأ «تقديم الدعم لمستحقيه من المواطنين» لبادرت هذه الجهة ومنذ البداية بتكليف شركة أو منظمة متخصصة بوضع دراسة تضع النقاط على الحروف بالنسبة للدعم حالياً، والصورة التي سيكون عليها عندما يتم تصحيح وضعه من دعم عام يستفيد منه الجميع إلى دعم محدود تستفيد منه فئة محدودة العدد.
ومن ثم تقوم الدراسة بتبيان الكيفية أو الأسلوب الجديد الذي ستقدم به الدولة الدعم للفئة المعنية به، هل يبقى الدعم عينياً أو يتحول إلى دعم نقدي، وهل يقدم الدعم النقدي مرة واحدة بعد إجراء تقدير له، أم يقدم جزئياً وبمبالغ صغيرة كما حدث بالنسبة للحوم.
لكن الموضوع لا يتعلق فقط بعدم الجدية في إيجاد حل للدعم، ولكن في الدفع باتجاه إجراء الدراسة، ذلك أن إجراء أي دراسة من هذا النوع سيؤدي إلى كشف الكثير من الحقائق حول حقيقة الدعم على مدى السنوات الماضية، وهل هو بالحجم الذي يذكر في الميزانية العامة، كما أن الدراسة قد تقترح اللجوء إلى الدعم النقدي الشامل، أي رفع الرواتب والمعاشات للفئة المستهدفة، وهو ما لا تريده الحكومة ويجعلها تتهرب من إجراء هذه الدراسة وغيرها.