الرأي

ما وراء داعش.. اختفاء دول وولادة دول

نظــــــرات





من المقرر أن تعقد في العاصمة المغربية الرباط القمة العربية المقبلة خلال مارس 2016، وهي القمة السنوية التي يعقدها الزعماء العرب لمناقشة التحديات وأبرز القضايا، وعادة ما تكون الأسئلة التقليدية لدى وسائل الإعلام؛ من سيحضر القمة من القادة العرب؟
هذا السؤال ظل مسيطراً على جميع القمم العربية الماضية، ولكن لم يكن التفكير يوماً بمن هي الدول التي لن تحضر القمة؟
الحكومة السورية باتت غير ممثلة في اجتماعات القمة العربية بعد تعليق عضويتها من قبل وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الشهير يوم 12 نوفمبر 2011، وبالتالي جميع القمم التي عقدت بعد هذا التاريخ لم تحضر دمشق الاجتماعات. ولا ينبغي هنا السؤال متى ستحضر دمشق مجدداً؟ بل السؤال يجب أن يكون من الذي سيمثل دمشق مستقبلاً؟ هل سنشاهد وفداً لتنظيم داعش الإرهابي حاضراً في القمة العربية المقبلة؟
هناك دول عربية يجري تفكيكها منذ سنوات ببطء وبكلفة مرتفعة جداً، وسط صمت عربي مطبق. وتصريحات المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية مايكل هايدن لصحيفة لو فيغارو الفرنسية قبل عدة أيام تتطابق مع هذه الحقيقة التي ستكون أكثر وضوحاً قريباً. هايدن في مقابلته الصحافية أن كلاً من سوريا والعراق في طريقهما إلى الاختفاء، وقال بصراحة: «لنواجه الحقيقة، العراق لم يعد موجوداً ولا سوريا موجودة، ولبنان دولة فاشلة تقريباً، ومن المرجح أن تكون ليبيا هكذا أيضاً». أما بالنسبة لتوقعاته لحالة الاستقرار في الشرق الأوسط فإنها تصل إلى ما بين 20-30 سنة مقبلة.
في ظل غياب التحركات الحقيقية الفاعلة لإعادة رسم المشهد العربي بأيد عربية، فإن على العرب تقبل فكرة اختفاء دول، وفكرة ظهور دول بما يشبه سايكس بيكو (2) التي يتزامن فيها مرور مائة عام على إعلان هذا الاتفاق التاريخي الشهير.
لذلك فإن عدد الدول العربية مرشح للارتفاع، ومرشح للانخفاض طبقاً للمتغيرات التي لن تحسم إلا بعد ثلاثة عقود من الآن، وهو ما يعني أن جغرافيا الشرق الأوسط التي يتعلمها أطفال العرب في المدارس الآن لن تكون ذات قيمة عندما يبلغون على الأقل، أو إنما يدخلون سوق العمل ويكونون أسرهم على أقصى تقدير. وبالتالي سيعاني العرب مستقبلاً من أمية جغرافية، لأنهم تعلموا واقعاً جغرافياً معيناً سيكون مختلفاً تماماً عندما يكبرون، وسيظل ما تعلموه مجرد جزءاً من تاريخ الجغرافيا.