الرأي

ما وراء داعش.. ازدواجية التطرف المفتعلة

نظــــــرات



اعتادت وسائل إعلامية خليجية وعربية التركيز في محتواها الإعلامي على من الذي يقوم بالتفجيرات الإرهابية، وإشغال الرأي العام بالجماعات الإرهابية المتطرفة التي تغرر بأفراد من المكوّن السني، يتزامن ذلك مع تجاهل تام لأي إشارة إعلامية للتطرف الذي يتم على أيدي جماعات متطرفة كوادرها من المكوّن الشيعي.
هذه الازدواجية بالطبع مفتعلة وليست عفوية، وهي ازدواجية مقصودة لأنها في النهاية تخدم أجندة سياسية تتقاطع مع ظاهرة (أبلسة السُنة)، والاستمرار فيها يعني الإصرار على تنفيذ مشروع التغيير في الشرق الأوسط، وتغيير موازين القوى السياسية فيه، سواءً استغرق ذلك شهوراً أم سنوات طويلة.
الازدواجية في الخطاب الإعلامي أيضاً باتت من المخاطر والتحديات التي ينبغي مواجهتها من قبل دول مجلس التعاون والدول العربية، فالخطاب الإعلامي المزدوج قاد كثيراً إلى مزيد من التطرف، ويمكن أن نجد الجماعات المتطرفة في العراق تتطرف أكثر فأكثر، والسبب الرئيس لذلك حالة الانتقام، فالسُنة المتطرفون يرون أن الميليشيات الشيعية ترتكب المجازر وبالتالي يجب القضاء على كل ما هو شيعي، والجماعات الشيعية ترى ضرورة ممارسة الانتقام لدوافع ما حدث في الماضي خلال حكم البعث، أو لأجندات سياسية راهنة، وبالتالي القضاء على كل ما هو سني.
بهذا المشهد المعقد تكون النتيجة ديمومة الصراع بين المكونات الإثنو ـ طائفية في المنطقة، وتكون الفوضى في أقصى درجاتها، حتى تضيع بينها الحقيقة في وقت يطغى فيه الشك المزمن.
اللافت أن خطاب الاعتدال في الإعلام الخليجي والعربي بات مفقوداً، ولذلك صار الحديث عن مبادرات للشراكة، أو مبادرات تعزز الوحدة الوطنية ضرباً من ضروب الشعارات التي تستغل للاستهلاك الإعلامي لا أكثر.
أما بالنسبة للحديث عن الحقيقة والواقع، فإن الواقع هو وجود رغبة مشتركة في التعايش السلمي بين مختلف المكونات، أما الحقيقة فإن هناك تناقضاً يبدأ من الفرد الذي كثيراً ما يعيش صراعاً مزدوجاً أساسه الشك يتعلق بقبول الآخر، وينتهي بسلوك سياسي حذر في التعامل مع الآخر أيضاً.
استمرار ازدواجية الخطاب الإعلامي والسياسي، واتهام كل طرف وكل مكون بالتطرف والإرهاب لن يكون ذا جدوى، بل هو خطاب يساهم في كسر كل جسور الثقة، ويهدم نسيج المجتمع، حتى تصل مجتمعات الخليج إلى حالة من الهشاشة والضعف تكون حينها معرّضة لزراعة تنظيمات ثيوقراطية راديكالية متطرفة مثل داعش وحزب الله الإرهابيين.
المخرج يتمثل في إنهاء المجاملة في الخطاب الإعلامي المزدوج، وتجريمه فهو خارج نطاق حرية التعبير باعتباره خطاباً سياسياً خطراً يهدد الأمن والسلم الأهلي.