الرأي

تمرير الميزانية.. وفصل راتب الزوجين والمتقاعدين!

أبيــض وأســود







يبدو أن الأخوة النواب الذين مرروا الميزانية وجدوا فيها مكتسبات كثيرة بالنسبة إليهم، ذلك بعد أن تم تمرير الميزانية بعدد أصوات محدد بدقة متناهية وهو النصف +1، فسبحان الله، كيف لم يزد عدد النواب بصوت واحد، ولم يقل بصوت، بمعنى أن الأصوات جاءت بالشكل المحدد المفصل.
في ذات الوقت قال بعض النواب إن الميزانية حققت مكاسب للمعاقين، وللمتقاعدين، وهذا أمر طيب، لكن هل ما حصل عليه المتقاعدون تحديداً كان هو المطلوب؟
قرأت رد النواب على أحد المقالات، فوجدته رداً إنشائياً لا يقدم ولا يؤخر وفيه ثغرات كثيرة، ولا توجد به معلومة جديدة تفيد القارئ، كل ما ورد في الرد يعرفه الناس، فقط الرد كان لإظهار أننا نملك رداً.
وجدت نائبين امتنعا عن التصويت، لكن في موضوع الميزانية، لا يوجد (رمادي) إما أن تكون مع الميزانية، أو ضدها، الامتناع لا أعرف ما هو موقعه هنا، بينما تفاخر بعض النواب بتمرير هذه الميزانية، وقد بصموا أيضاً على قرض بقيمة 68 مليوناً، سبحان الله، نواب بصامون للمشاريع الوطنية، جزاكم الله خيراً.
الوزراء المعنيون قالوا إن هذه الميزانية تم تخفيضها، لكن قيمة الميزانية أكبر من ميزانية 2014، فكيف تم تخفيضها وهي أعلى من ميزانية 2014.
الأخ وزير المالية قال أمام الشورى: «لا يوجد شيء مبهم في إيرادات النفط، أو بيع النفط وطريقة تحصيل إيراداته حيث إن مجمل العملية تتم تحت رقابة ديوان الرقابة المالية»..!
نعم كما يقول الوزير (لا يوجد شيء مبهم.. ترى احنا في رمضان يا سعادة الوزير) أصبح ديوان الرقابة شماعة، يتم عمل ما يريده البعض ويعلق ذلك على نزاهة وأمانة ديوان الرقابة، لذلك فإن على ديوان الرقابة مسؤولية كبيرة أمام الله.
أذهب الآن إلى مداخلة الأخ جمال فخرو بمجلس الشورى، فقد كانت هي المداخلة الأبرز، ومن خلال كلام فخرو يبدو أن لديه كلاماً كثيراً يريد أن يقوله، لكن في فمه ماء.
جمال فخرو قال: «الموازنة لم تتضمن ثلاثة أمور، وهي: إيراد المصروفات المعتمدة للسنة المنصرمة، وإيراد المصروفات المتعلقة بالعام قبل الماضي، وليس هناك تقديرات أقساط القروض، وأضاف: نحن لا نعلم كيف سيتم تغطية القرض».
ثم قال فخرو: «فيما يتعلق بمصروفات طيران الخليج فقد خفضنا ميزانية المشاريع، ولكننا نقلنا 80 مليوناً لمصاريف متكررة، كما إننا لم نوفر المبالغ المخصصة لفصل إيرادات بابكو ودعم طيران الخليج، بل قمنا بنقلها إلى بند المصروفات المتكررة، وهذا عبء على الميزانية».
الشيخ عادل المعاودة قال: «أود أن أبدي أسفي لأن تضمين فصل راتب الزوج عن الزوجة لم يتم في الميزانية الجديدة، رغم أنه ذكر في برنامج عمل الحكومة، وهذا له أثر سلبي، كما إن زيادة رواتب المتقاعدين أمر تم التوافق عليه في برنامج عمل الحكومة ولم يتم تضمينه بالموازنة، بل تم إعطاء منحة مالية مقطوعة».
مما سبق لمداخلتي فخرو والمعاودة يتضح بشكل جلي ولا يقبل الشك أن العقول في مجلس الشورى تتعاطى مع الميزانية بشكل مختلف عما عليه في مجلس النواب، فما يقوله أعضاء شورى يتم تعيينهم، أفضل من نواب انتخبهم الشعب.
مع كامل تقديري واحترامي للسادة النواب، فإن تمرير الميزانية بهذا الشكل هو وصمة على جبين كل الـ21 نائباً الذين بصموا على تمريرها، وعلى تمرير قرض الـ68 مليوناً.
كيف لم يتحدث أحد من النواب عن قضية خطيرة وهامة وتمس شريحة كبيرة من الناس وهي فصل راتب الزوجين، كيف مر عليكم موضوع المتقاعدين وقبلتم بمبلغ مقطوع؟
يقع الكثير من اللوم على اللجنة المالية بمجلس النواب، فما قامت به اللجنة هو ما يشبه سلق للميزانية، وتمريرها بشكل لم يتم فيه الضغط للحصول على مكاسب للناس، وهذا الأمر مزعج ومؤلم للناس، خاصة موضوعي (فصل راتب الزوجين، وزيادة المتقاعدين).
تضخم الدين العام قضية خطيرة، حتى وإن أراد البعض أن يبسطها، فلا تجعلونا نصل إلى حالة اليونان (نضع على أنفسنا قروضاً وديوناً وتتفاقم وتتزايد).
البلد فيها خير، وفيها مداخل، لكن أن يصبح مدخول الإيرادات غير النفطية فوق 300 مليون بقليل فهذا مخجل جداً، ومحبط جداً، ولا يستقيم مع دولة بأكملها وبأجهزتها.
مشكلة الميزانية ليست فقط في وضع هذه المبالغ في هذا البند، أو ذاك البند، المشكلة الحقيقية الكبرى والتي لا يتطرق إليها إلا قلة، وهي قلة الإيرادات غير النفطية، وهذه هي المعضلة، فحتى تنفق يجب أن تكون لديك مداخيل.
تعاطي الأخوة النواب الذين رفعوا لنا ثلاثة أصابع في صورة (منشكحة) احتفالاً بتمرير الميزانية كان مع عميق الأسف دون المطلوب ودون المستوى، بينما كشف أعضاء الشورى أن النواب تعاملوا بسطحية مع الميزانية.
لكن ماذا تقصدون بالأصابع الثلاثة (بقي لكم صبع وتصيرون رابعة)، والله لا أعلم ما هو مدلول الأصابع الثلاثة التي رفعها النواب للشعب (احنا في رمضان وبنحسن النية..!!).