الرأي

عام على رئاسة السيسي.. بين الحقائق وأحلام اليقظة

عام على رئاسة السيسي.. بين الحقائق وأحلام اليقظة





شهدت مصر خلال عام من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي حملة ضارية من بعض الدول ضدها وضد ثورة 30 يونيو التي أطاحت بالرئيس محمد مرسي، لكن هذه الحملة أصبحت تعاني من تفكك أطرافها وخيبة أملهم في انتخابات السيسي وصدور دستور جديد، ولذا عادت العلاقات إلى طبيعتها مع أوروبا والولايات المتحدة، وبالطبع مع معظم دول مجلس التعاون الخليجي. كما تعززت العلاقات المصرية مع كل من روسيا والصين والهند. لكن بعض الدول الطامعة لدور في المنطقة نقول إنها مازالت تعيش أحلام اليقظة، ويتجلى ذلك في دراسة قام بها مركز أبحاث مشبوه تحت عنوان «عام على رئاسة السيسي: أوضاع متدهورة ومعارضة متصاعدة»، وكلها دعاية سوداء لا تتبع المنهج العلمي ولا ترى سوى أن الحياة في مصر ونظامها وكل شيء فيها حالك السواد. وخلاصة الدراسة موجودة في عنوانها ومن ثم فهي تخلص للنتيجة مقدماً وتبحث عن الأسانيد حقيقية أو مزعومة لتأييد تلك النتائج. ومن ثم فهي أشبه بنشرات دعائية لجهة معادية تخصصت في الشؤون المصرية متخيلة أن مصر يمكن أن تصدق الأكاذيب التي يروجها معد الدراسة.
أما مصر بقيادة السيسي الذي يعمل من أجل وطنه ويعتمد على شعبه الذي يبادله حباً بحب وتمسكاً به لما لمسه من صدقه وأمانته وتقديم نفسه فداء للوطن في 30 يونيو وفي 3 يوليو 2013، لذا حظي بمساندة شعبية غير مسبوقة في التاريخ المصري بهذه الكثافة وبهذا الإصرار، فكلما طلب من الشعب تفويضاً أو مساندة كان الشعب يسارع لتلبية ما طلبه، وقد أطلق السيسي ما أسماه أجندة المستقبل بناء على أهداف وتطلعات شعب مصر في ثورتي 25 يناير و30 يونيو، والمتمثلة في إصدار دستور جديد يحقق مطالب الشعب وإجراء انتخابات رئاسية اتسمت بالمصداقية والنزاهة، وبقي البند الثالث وهو إجراء انتخابات برلمانية.
كما حرص السيسي على محاربة الإرهاب في مناطق عدة من الدولة، وهو إرهاب مفتعل مدعوم من القوة التي أطاح بها الشعب المصري في ثورة 30 يونيو وقام السيسي بتوجيه الضربة القاضية لها في 3 يوليو 2013.
وينبغي أن نشير إلى أن ثورة 30 يونيو جاءت لرأب الصدع في الشعب المصري الذي تعرض للصراع الديني والسياسي، والذي جعله يثور ضد ذلك النظام العشائري الذي ينظر للخلف ويعيش في الماضي ولا يتطلع للمستقبل.
ودراسة المركز البحثي المشبوه عن مصر تعيش في أحلام اليقظة، مثل الفريق الذي أطيح به في 30 يونيو، والذي يعيش على حلم العودة المظفرة لقائدهم لعرش مصر، ومازالوا يحلمون بذلك ويحددون التواريخ لأتباعهم لعودة المنقذ، وتمر التواريخ وهم ينتظرون عودة جودو الذي لا يعود والذي يبدو أنه ضل الطريق كما ضل أتباعه بتفكيرهم، وأنه لضلال كبير أن يعيش الإنسان في حالة من التصورات الوهمية.
وتظل أوهام أعداء مصر وأعوانهم تتصور وجود انقسام في الجيش المصري وتتصور حب الشعب لهم، ولكن جيش مصر البطل الذي هو أساس الوطنية المصرية عبر العصور وخاصة منذ ثورة الزعيم أحمد عرابي يخيب ظنهم في كل تاريخ يحددونه، وهكذا يهيمون على وجوههم في بقاع الأرض ينشرون الأكاذيب، فيما ينطبق على جيش مصر البطل قول الرسول الكريم «إن جند مصر هم خير أجناد الأرض وإنهم في رباط إلى يوم القيامة».
ولا مجال للتحدث تفصيلاً عن إنجازات عام من حكم الرئيس السيسي بمشاركة شعب مصر ومساندة الأشقاء من دول مجلس التعاون الخليجي وتقدير المجتمع الدولي للعمل الجاد الذي يقوم به السيسي والشعب المصري، وهكذا تصدعت أركان فكر ودراسات المركز المشبوه وباحثيه الذين لا يفهمون أي منهج للبحث، ويرون في الدعاية السوداء ضد مصر خيراً لهم من إدراك الحقائق. ومن دعايتهم في تلك الدراسة ترويج أن مصر والسعودية على خلاف شديد، وأن دول مجلس التعاون لا تؤيد ما تقوم به مصر بزعامة السيسي الانقلابي -على حد زعمهم- من سياسات وما تدعو له من استراتيجيات. ولعل أكبر كشف وفضح لتلك الدعاية السوداء تصريحات وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير ووزير خارجية مصر سامح شكري إثر زيارة الجبير لمصر في أوائل شهر يونيو 2015.
ولكشف تلك الدعاية والفكر الوهمي الذي تروجه، نذكر بإيجاز بعض من إنجازات العام الأول لحكم الرئيس السيسي وندعوهم لمقارنة ذلك مع العام الأول اليتيم لحكم الرئيس الإخواني محمد مرسي، وتتمثل أبرز الإنجازات في النقاط الست التالية: أولها حمى السيسي الدولة من تدمير أي من ركائزها الثلاث وهي الجيش والشرطة والقضاء، وثانيها أعاد للشعب ثقته بنفسه وبثورته الفريدة بعد أن كانت اختطفت منه في غفلة من الزمن، وثالثاً أعاد علاقات مصر الخارجية رغم التعبئة الكبيرة ضده من قوى معروفة بعدائها لمصر، وكما صبر على السلطان العثماني الذي وجه له في خطاب بالأمم المتحدة عبارات بذيئة ليس لها مثيل في التعامل من تلك المنصة العالمية بين أسوأ الأعداء، رغم ادعائه الانتماء للإسلام البريء منه، فالله سبحانه وتعالى وصف رسوله بقوله «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك» وغلظة القلب هذه تفسير انفضاض الأتراك بعيداً عن سلطانهم المزعوم في الانتخابات لأنه لم يكن مثل المسلمين عف اللسان أو صادق الوعد، بينما السيسي صاحب الخلق الرفيع وابن مصر الأصيلة رفض الرد بالمثل إعمالاً للقيم والمبادئ الإسلامية الأصيلة.
رابع الإنجازات بناء قناة السويس الجديدة والتي تمت في عام واحد بتمويل من شعب مصر استجابة لنداء رئيسه الذي أدرك صدقه وأمانته، وهو يعلم أن القناة تعد ركيزة أساسية من ركائز النهضة. وخامسها فتح مجالات العمل والتوظيف عبر المشروعات العديدة التي بدأت بالفعل وبعضها مازال في طور الاكتمال مثل التوسعات العمرانية وتطوير المصانع وغيرها. وسادسها إعادة النشاط الاقتصادي وإعادة الاستقرار الأمني رغم التظاهرات والاعتصامات ورغم الحملة الدعائية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وما تنشره من دعاية سوداء ورغم انشغاله بمواجهته الإرهاب في سيناء وفي كثير من مناطق ومحافظات الجمهورية، وسابعها امتلاك الشجاعة الأدبية، وهي نادرة في بلادنا، أن يقوم الرئيس بالاعتذار علانية للشعب عن المعاملة السيئة لإحدى المتظاهرات، أو أن يقوم بالاعتذار للمحامين عن إساءة من رجل الشرطة، وغير ذلك من اللفتات الإنسانية التي تنم عن أصالة حقيقية وعن الروح المصرية المتسامحة وعن قيم الإسلام الصحيحة وسلوكيات النبي الكريم، الذي هو أسوة حسنة لكل مسلم، وهو من قال لأعدائه من قريش بعد أن نصره الله عليهم وعاد لمكة فاتحاً «اذهبوا فأنتم الطلقاء».